طارق الشناوي يكتب: كذبوا ولو صدقوا!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


أغلب آراء الفنانين لا تعبر بالضرورة عن قناعاتهم، حيث إنها تلعب دور السيوف والخناجر فى الحروب، يشهرونها فى وجه منافسيهم، بسبب أحيانا وبدون سبب غالبا، فى حوار قديم لفريد الأطرش وبدون أن يسأله أحد قارن بين أغانيه وعبد الحليم حافظ، وقال (ظلموه) و(الليالى) لعبد الحليم ستموت، بينما ستعيش أغنيات (الربيع) و(أول همسة) و(حبيب العمر).

النصف الثانى من إجابة فريد صحيح تماما، فلقد عاشت أغانيه، بينما لايزال الناس تردد (والليالى تعمل إيه فينا الليالى)، هناك دائما أشياء أخرى تدفع الفنان لمثل هذه الآراء، فريد شعر بقدر لا ينكر من التهديد مع بزوغ اسم عبدالحليم، وأغلب المطربين الذين سبقوا عبد الحليم تأثروا سلبا بجماهيريته الطاغية، بينما فريد كان يشكل نجومية موازية، إلا أنه كان يوجه لحليم بين الحين والآخر ضربات مؤلمة، ردا على ضربات أخرى غير مباشرة ولكنها أشد إيلاما يوجهها له عبدالحليم.

مثلا محرم فؤاد، قال فى حوار أجراه معه عمرو أديب، قبل 15 عاما، على الحجار لا يصلح إلا كأحد أفراد (الكورال)، بينما نصح هانى شاكر بأن يغنى فقط للأطفال.

الزمن أكد أن الحجار صوت له مذاق وجماهيرية طاغية، بينما هانى لا أتذكر له أغنية واحدة قدمها للأطفال، بالمناسبة كان لعبدالحليم رأى سلبى فى هانى شاكر، رآه صوتا بلا طموح، هانى عند بدايته مطلع السبعينيات دعمته أم كلثوم لضرب عبدالحليم، وكما روى لى الملحن خالد الأمير طلبت منه التلحين له فقدم أشهر لحن حقق له نجاحا جماهيريا فى بدايته (كده برضه يا قمر). كانت مخاوف عبدالحليم من هانى مبالغا فيها، هانى لم يستطع أبدا التأثير على بريق عبدالحليم، للعلم المشوار الفنى فقط لهانى يقترب من عمر عبدالحليم الذى لم يتجاوز 48 عاما!!.

ليس دائما هناك أشياء أخرى فى هجوم الفنان على زميل، أحيانا سوء التقدير، مثلا عبدالسلام النابلسى، والذى كان لديه حس أدبى ويكتب مقالات صحفية، وكان أيضا يقرض الشعر، استضافته فى التليفزيون اللبنانى الإعلامية الكبيرة ليلى رستم، نهاية الستينيات، حيث إن ليلى رستم متعها الله بالعافية قضت- ولا تزال- جزءا كبيرا من حياتها الشخصية والمهنية فى بيروت.

رحل النابلسى عام 68، وأظن البرنامج سُجل قبل رحيله بأشهر قليلة، كان النابلسى قد فر من القاهرة إلى لبنان، بسبب ملاحقات مصلحة الضرائب، بدأ النابلسى فى إلقاء قصيدة عن فيروز تحمل إشادة لجارة القمر، يقول مطلعها (تراتيل قديسة وأصداء كنيسة) وينهيها بهذا البيت (هى فى جبين لبنان غُرة/ وعلى صدره دُرة)، ولكنه يضيف بعدها (آه لو أطلقت لصوتها عنانه/ ودعمت بالطرب الشرقى كيانه)، تناول النابلسى الصوت المصطنع الذى تؤدى به فيروز أغانيها، وأكد أنه قال ذلك لعاصى ومنصور الرحبانى، وأيضا لفيروز شخصيا، بينما دافعت عنها بكل قوة ليلى رستم، وقالت الناس تحب فيروز كما هى فيروز.

عبدالسلام النابلسى لم يتمسك كثيرا برأيه، وفيروز لا تزال فى عالمنا العربى كله غُرة، وعلى صُدورنا دُرة، ولا يزال (حسب الله السادس عشر) هو إكسير السعادة الذى ينعش قلوبنا بأندر الضحكات، إنهم فنانون وليسوا منجمين، وكذب الفنانون ولو صدقوا، فما بالكم لو كذبوا؟!!.

نقلًا عن المصري اليوم