نادية صالح تكتب: الناس وهموم أستاذ الفلسفة د.مراد وهبة

مقالات الرأي



سمعته يوما يقول «لازم الفلاسفة ينزلوا من أبراجهم العاجية ويكلموا الناس والجماهير كلام بسيط مفهوم»

ولأننى أحب الفلسفة والفلاسفة تعلقت به وكنت اقرأ له كما اقرأ لأبرز وأهم الفلاسفة المصريين د.زكى نجيب محمود يرحمه الله، ولكن زاد اهتمامى بما يكتبه ويقوله د.مراد بعد هذه العبارة، والدكتور مراد له تلاميذ وقراء كثيرون، ولكن خبرة السنين يعترف بأن الفلاسفة غالبا ما يسكنون أبراجا عاجية تبعدهم عن الجماهير التى يجب أن تتغير وتتغير أفكارها وموروثاتها بما يقوله هؤلاء الفلاسفة.

المهم.. جلست من أيام قليلة ماضية استمع إلى حوار د.مراد مع الأستاذ القدير أحمد موسى فى قناة صدى البلد وكان الحوار عن الأصولية والأصوليين الذين يحيرون العالم هذه الأيام، وكان كلامه بسيطا ذهب سريعا إلى جماهير الناس -كما أظن- ومن يعنيهم الأمر.

قال د.مراد ببساطة إن الأصولى هو من يظن ويتوهم أنه يملك الحقيقة المطلقة بل يتوهم أيضا أنه مسئول عن توزيع البشر على الجنة والنار حتى أنه عندما يقتلك يعتقد أنك ذاهب إلى النار وهو سيذهب إلى الجنة.

والحد الأدنى لهؤلاء الأصوليين هو التكفير والحد الأعلى هو القتل، والتكفير والقتل هما الإرهاب. وبدأت هموم د. مراد فى الظهور خصوصا عندما أبدى أسفه لأنه يرى أن المثقفين مسئولون عن الإرهاب لأنهم بشكل أو آخر يتحالفون مع الإخوان لأنهم -أى المثقفين- لايغيروا المجتمع رغم أن هذه رسالتهم الأولى، وسريعا ما أوضح د.وهبه أن فكر الإخوان -بجميع مسمياتهم- هو فكر ابن تيمية من القرن الثالث عشر «13» الذي يقول باختصار: «ممنوع إعمال العقل فى النص الديني» ويعتبر أن إعمال العقل «تأويل»، واعتناق الإخوان لهذا الفكر (ابن تيمية) يجعلنا نعيش فى القرن 13 وعندما رد ابن رشد) على «ابن تيمية» وطالب بإعمال العقل قائلا «اكتشف المعنى الباطن للنص الدينى من خلال إعمال العقل وذلك إذا لم يكن ظاهر النص متماشيا مع العقل».

واعتبر ابن تيمية ومريدوه أن ذلك وأن ما قاله ابن رشد بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار وكفروا ابن رشد واحرقوا كتبه ونفوه فى إحدى الجزر البعيدة.

ويمتد الحوار مع د.وهبه ويطالب بضرورة احياء أو إنشاء ما اسماه «الرشدية العربية»

مقابل ما كان فى القرن الـ 13 باسم «الرشدية اللاتينية» لأن اللغة اللاتينية هى ما كانت منتشرة فى أوروبا آنذاك، ويرى د.مراد أن هذه المؤسسة التى يقترحها سوف تكون سببا فى التنوير، رغم أن المسئولية كبيرة وتحتاج إلى جهد دولى بالاصولية تضرب العالم هذه الأيام وتحتاج إلى هذا الجهد الدولى ولعل هذا ما فطن إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ويعمل من أجله جاهدا.

وأظن أن من أهم ما وضعه الفيلسوف الكبير د.مراد هى تلك المهمة التى ألقاها على عاتق الاعلام والفضائيات لنشر فكر «الرشدية» كما أسماها وقال إن الفضائيات والإعلام إذا تخليا عن هذه المهمة فلن نستطيع تجسيد فكر «الرشدية» الذى هو الحل لمجابهة الأصولية الصماء.

أخيرا وليس آخرا.. فتح الرجل الفيلسوف قلبه بأسلوب سهل وصل إلى جماهير الناس فى بساطة ويسر وأظن أن واجبنا جميعا أن نضعه فى حبات عيوننا فالجميع فى قارب واحد.. والأصولية تضرب الجميع وتحتاج إلى جهد الجميع من أجل التنوير والاستنارة، فنحن نحتاج إلى هؤلاء الفلاسفة ليكونوا بيننا من أجل أن نتغير ونبتعد عن القديم البالى الذى لاحاجة لنا به فليس كل موروث مقدسا.. إيها الناس استمعوا إلى صوت العقل وتفقهوا قول هؤلاء الفلاسفة الكبار مثل أمثال د.مراد وهبه الذى عانى من أجل أن يصل إليك ويقول قولة حق من أجل إسعاد العالم وتنويره.