إيمان كمال تكتب: الدواعش تسيطر على أفلام مهرجان الإسكندرية السينمائى

مقالات الرأي



تهتم السينما بقضايا الشعوب، فالسينما هى الحياة وتعبر عما نعيشه "الحلو والصعب" ما نواجهه من أزمات، فى الآونة الأخيرة باتت داعش هى الفزاعة التى يخشاها العرب وحتى العالم، وكان الجانب اللافت للنظر فى أفلام مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول حوض البحر الأبيض المتوسط هو الاهتمام بالدواعش وكيف أثرت على الحياة فى الوطن العربى من خلال أفلام سوريا مثل "الأب" و"ماء ورد" والفيلم التونسى "زهرة حلب".


1- "زهرة حلب" و"الأب" و"ماء ورد" يواجهن الدواعش

كيف تحولت "سلمى" المسعفة والممرضة لأم مراد على يد الدواعش، فلكى تدخل عالم الجماعات الإرهابية لابد أن تعيش حياتهم، والطريق شائك بين الإرهاب والأمومة فسلمى أو هند صبرى التى تعود للسينما التونسية بفيلم "زهرة حلب" مع المخرج رضا الباهى تكشف عن الصراع الذى تعيشه أمهات الشباب الذين يتم تجنيدهم عن طريق الدواعش فابنها مراد المحب للموسيقى يتحول لشخص آخر متشدد ويقرر السفر إلى جبهة الناصرة كى يقاتل - من وجهة نظره - أعداء الله فتفاجأ به باتصال أنه ترك تونس ولن تراه مرة أخرى وتبدأ رحلة البحث لتكتشف أن الأمر ليس وليد اللحظة وبأنه منذ فترة تحول بالفعل تدريجيا.

يرسلها أمير الجماعة فى إحدى المهام ليقوم أمير الجماعة الأخرى المضادة باغتصابها على يد جنوده فى مشهد اقرب إلى الواقعية من مشهد مماثل فى فيلم "الأب" للمخرج السورى باسل الخطيب والذى قدم المشهد بوحشية لكن أقرب للسذاجة، خاصة أن فيلم "الأب" يحمل كثيرا من الخطابة والشعارات الرنانة وقليلا من المنطق فى ظل تحيزه الواضح والأكيد للنظام السورى –وإن كان حقه- إلا أنه فى بعض الأحيان صور الجيش السورى كملائكة وظهرت الدواعش أقرب لكفار قريش فى أفلام الستينيات فبدا الأمر ساذجا فى كثير من المشاهد.

فى مشهد اغتصاب هند صبرى (سلمى) يعاقبها الأمير بعدما ظن أنها جاءت كى تحاربه، ويقرر التشفى بها ولكن فى الأب يقع الجميع اسرى فى يد الدواعش الذين لا شغل شاغل لهم إلا "الجنس" والهوس به فيقررون بيع النساء فى مزاد والتهامهم جسديا وإن مات أغلبهم إلا أن العمل يحاول أن يؤكد بقاء سوريا الأصل والشعب ولن تنهزم أمام الجماعات الإرهابية وهو هدف نبيل ورسالة حقيقية إلا أنه كان من المتوقع لمخرج بقيمة وحجم باسل الخطيب أن يكون العمل بصورة أقوى.

الفيلم السورى "ماء ورد" قدم القضية لكن بصورة اقرب للشاعرية الحالمة وهى الطريقة التى اختارها المخرج أحمد إبراهيم أحمد الذى أهدى العمل لشقيقه الذى توفى جراء الأعمال الإرهابية أيضا، العمل الذى كتب السيناريو الخاص به سامر محمد إسماعيل مأخوذًا عن رواية "عندما يقرع الجرس" للأديب محمود عبدالواحد.

جماليات كثيرة قرر المخرج أن يبنى عليها الفيلم من خلال الحقول الممتلئة بالورود والتى تعمل بها البطلة نوارة والتى تقوم بتحويلها إلى عطور، النساء اللاتى يعملن معها وكيف يعيش الجميع فى حالة رضا وسعادة، نقلات يقوم بها المخرج فى الفيلم فتارة نرى الشيخ قحطان الذى يطمع فى جمال وشباب نوارة ويحلم بالزواج منها وهو الذى يعلم شباب المنطقة، وبعدها المدرس الذى يأتى إلى سوريا بصحبة زوجته الفرنسية، لتقتل نوارة فى النهاية على يد شقيقها الذى شك فى أخلاقها وبأنها أقامت علاقة مع المدرس، فى الفيلم نشاهد بشكل سريع وخاطف دخول الدواعش والجماعات الارهابية ممن دهسوا الحقول والورود ودمروا جمال الطبيعة التى حبا الله بها سوريا فموت البطلة "نوارة" جاء بعدها تحرير النساء من غطاء الرأس والاستمرار فى الحقول مع الورود والعمل فى العطور فتحولن إلى "نوارة" الجميلة الطازجة الحلوة التى تشبه الزهور.


2- أباظة: لا يجوز مقارنة ميزانية الإسكندرية بالجونة

فى حوار مع رئيس المهرجان الأمير أباظة عبر عن رضاه عن الدورة الحالية والتى حاول من خلالها تجاوز الأزمات التى سبق ومر بها المهرجان فى دورات سابقة، ويرى بأن عروض الأفلام والأجهزة التقنية والرحلات السياحية للضيوف وحرص المهرجان على أن يقوموا بجولة فى أماكن أثرية فى مصر سواء فى مدينة الإسكندرية أو القاهرة فالمهرجان حقق الهدف من إنشائه على المستوى الفنى والثقافى والسياحى.

وقال: إنه فوجئ بالشعبية التى تتمتع بها النجمة الفرنسية بياتريس دال بعد أن قامت بجولة فى الإسكندرية وكيف كانت الحفاوة فى استقبالها من اهالى المدينة حتى أن لها بعض الصور وهى تحمل طفلا صغيرا ومع أشخاص طلبوا التصوير معها.

وعن الميزانية الخاصة بالمهرجان والجهات الداعمة قال: إن المبلغ النهائى يقترب من 2 مليون جنيه فى دعم من وزارة المالية والثقافة والهيئة العامة لتنشيط السياحة والهيئة العربية للعلوم والتكنولوجيا ونقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب وتعاون دكتور خالد عبد الجليل مساعد وزير الثقافة والمركز القومى للسينما الذى أمد المهرجان بأجهزة العروض والتى استخدمت لأول مرة فى الدورة السابقة لمهرجان الإسماعيلية فهى تجربة جديدة مع وزارة الثقافة والمركز القومى للسينما.

وأضاف: إنه كان حريصًا على أن تكون هناك رؤية متكاملة للمهرجان بما لا يتعارض مع الميزانية خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار فمثلا سعر تذكرة الطيران الخاصة بدولة إسبانيا وصلت إلى 59 ألف جنيه وهو أمر بالتأكيد مؤثر لحرص المهرجان على استضافة العديد من النجوم الأجانب والمطبوعات والكتالوج بعد أن كانت التكلفة تصل إلى 100 ألف جنيه فهذا العام كان 173 ألف جنيه ولذلك فالمقارنة بين دورة مهرجان الإسكندرية هذا العام ودورة مهرجان الجونة الذى كان قبله بأسابيع قليلة وهو أمر صعب فلا يمكن مقارنة مهرجان بميزانية 90 مليونا بالإسكندرية ولكنه فى كل الأحوال راضٍ عن الدورة الحالية، وبفريق العمل فكان حريصا على أن يركز كل منهم فى عمله وألا يحاول أن يحل مشاكل زملاء آخرين كى لا يتعثر سير العمل أو تزيد المشاكل.

وعن حرصه على التكريمات المتعددة فى المهرجان قال: إن هناك الكثير من الأجيال لم تكرم فى حياتها مثل رشدى أباظة مثلا، كما أن الفنان حسين رياض كرم من الإسكندرية بعد وفاته، والأمر لا يقتصر على فنانين فقط فهو مهتم بتكريم الكتاب والمونتيرين ومديرى التصوير والمخرجين وهم على قيد الحياة فهو أمر مهم للفنان، كما أنه شهريا يقوم بالأمر نفسه فى المجلس الأعلى للثقافة لرواد السينما حرصا منه على أن يكرم الأشخاص ويصعدون للمسرح وهم على قيد الحياة.

وعن الأزمة والمشكلة التى أثيرت حيث كان من المفترض أن يكون الفنان خالد الصاوى ضمن لجنة التحكيم ليخرج ببيان يقول فيه إنه لم يتواصل مع إدارة المهرجان فعلق الأمير أباظة على الأمر بأنه من الوارد أن يكون الصاوى مشغولا وبأنه فى البيان أنهاه بالاعتذار وهو فى النهاية فنان كبير وهو يشكره على موافقته فى البداية واعتذاره أيضا، حيث إنه قابله فى مهرجان «تطوان» وطلب منه المشاركة وهو ما رحب به خالد وأرسل بالفعل سيرته الذاتية وصورة ولكن يبدو أن انشغاله بتصوير عمل فنى منعه ولكن الموضوع أخذ أكبر من حجمه لأنه لا يوجد أى خلاف فهو صديق عزيز.

وعن اختلاف الدورة الحالية عن الدورات السابقة قال: إن السينما قائمة على عنصر الدهشة وأنه لابد أن تحمل المهرجانات نفس الحالة سواء الأفلام أو الضيوف الأجانب وهو بالفعل حقق رسالته فى هذه الدورة، وأكمل حديثه بأن مصر محتاجة لكل "حد ينور" ويقرب الغرب بصورة كبيرة ويكون عنصرا جاذبا.

وعن شعار المهرجان "الهجرة غير الشرعية" والحرص على أن تكون إسبانيا هى ضيف شرف المهرجان فقال: إنه فى البداية كان يفكر أن يكون شعار المهرجان "سينما رومانسية" كى يستريح الجمهور من أفلام الإرهاب والمقاومة لكن فى شهر مارس الماضى كانت هناك حوادث هجرة غير شرعية فحرص على أن يكون شعار المهرجان من خلال عرض 14 فيلما وندوة حول الموضوع، وجاء اختيار إسبانيا كضيف شرف لحرص المهرجان دائما على اجتذاب ضيوف شرف سواء من الشرق أو الغرب.

وعن التواجد القوى للسينما السورية والفنانين السوريين أيضا قال: إن سوريا تعيش لحظات صعبة وقاسية ولكن الإنتاج أصبح متوافرا ولكن الأمر غير مقصود فالعام الماضى كانت الأفلام الجزائرية كثيرة وأيضا تشارك هذا العام إسبانيا بما يقرب من سبع افلام قوية.