فيصل زيدان يكتب: بين مروج والدسوقي.. سبكى ولمبى وألمانى وحاحا وتفاحة.. والحمار.. ومحمد صلاح!!

الفجر الرياضي



تابعت عن كثب وبهدوء وتروى أزمة المذيعة مروج إبراهيم مع العالم والمؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى وشاهدت الحلقة غير ذى مرة قبل أن أكتب عنها كلمة أو أعلق عنها بحرف.. وهنا أجدنى بقناعات ربما تغاير وتختلف عن قناعات كثيرين ممن اختاروا أن يقحموا أنفسهم أطرافًا فى القضية.. ‘ما بفاشية "مع" أو بفاشية  "ضد" وهو التطرف الفكرى الذى أخشى ما أخشاه أن يهيمن على كل حكم ويسيطر على كل رأى ويتحكم فى كل اتجاه.. لأن هذا الإطار ببساطة هو أحد اطر الغابات والغوغائية واللافكر واللامنطق.. فمن خاف الأسد ذبح نفاقا الغزالة ومن تعاطف مع الغزالة سب في حضرتها الأسد دون حتى أن يسأل "من بادر باعتراض من؟".. و"من تجنى على من؟".. لنقف أمام زبد السيل الذى حتما سيذهب جفاءً دونما تأثير فى واقع أو حتى خيال.

عودة إلى أصل الأزمة بين مروج والدكتور الدسوقى.. سنجد مع أول نظرة بعين التفحص وأول فكرة بلب التمعن أن ما جرى ما هو إلا نتاج طبيعى جدًا بل وجدًا جدًا لمجتمع تخلت عنه مؤساساته بكل أشكالها وألوانها وأصنافها حينًا طويلًا من الدهر وردحا أطول من الزمن.. وتركته فريسه لفئات ضالة بينها وبين العلم والثقافة وروح الأديان وحب الوطن عداء أصيل.. فراحت تنهب وتسرق وتكوش وتحوش دون وازع أو ضمير.. وكله بفاتورة يسددها ضمير شعب وتعليم أمة وثقافة وطن.. الدكتور الكبير يحيا بأساسات وقيم كبيرة كان هو من الأجيال المحظوظة التى غرست فيهم مؤساساتهم بذورها وروت نباتاتها وراعت الله والضمير والوطن فى نتاجها فجنت ثمارها علمًا وأدبًا وخلقًا وقيمًا أقل ما فيها "احترام الكبير.. وتبجيله.. وعدم رفع الصوت فى حضرته.. حتى إذا خالف برأيه أوشرد بفكره أوغاير بمعتقداته" .. فيما مروج وهى من جيلى البائس لم تجد مؤسسات تعليمية ذات قيمة حقيقية.. فانخرط  "الموعود"  منا فى مدارس لغات تطمس الهوية وتدهس العربية وتقتل القومية وتدعو فقط إلى "الأمركة والأنتكة والكنتكة والفذلكة".. فى ذات الوقت الذى كان فيه معظمنا "مفقودًا" فى مدارس الحكومة بمناهجها المترهلة المشوههة وأعناقنا تحت سكاكين جزارى دروسها الخصوصية.. وبثانويتها " العامية " وبشهاداتها الواهية النخرة الخربة.. ثم بخريجيها وكثير منهم على شاكلة "نجيبة ".. فكان منطقيًا أن يشتغلنا "التلاتة ".. ونحن فريسه بلا أنياب ولا عدة ولا عتاد.. ولا مأوى لنا ولا دار للإمداد.. كل هذا يحدث وسط  طقس فنى ثقافى ملوث أحكم فيه السبكى هيمنته على مقاليد أموره فكان النتاج لمبى بكل أشكاله.. وألمانى بشتى ألوانه.. وحاحا وتفاحة بما لذ وطاب من سلطاته وبابا غنوجه.. مواكبة طبعًا بموسيقى يغني أهلها للحمار ومن رحم ربى منهم غنى للعنب !! ثم برامج خمسة موووواه.. وصحافة الجنازة حارة والميت عاكف.. وسوشيال ميديا السينجيل مازر.. وحفلات المثليين الخواااااجات.. ومشوها خواجات  "وارحموا أمي العيانة " – على طريقة العكشيات –

يا سادة.. نحن جيل ليس فى لوحة حياته من لون جميل مبهج مفرح وسط كل محزن مخز مؤلم.. سوى خيط رفيع اسمه "محمد صلاح" .. كل هذا وتقفون على ناصية انتظار فتاة أفرزتها هذه الظروف ونِشأت وترعرعت فى تلك الأجواء بطقسها البارد في عز "أغسطس" الملتهب فى عز "طوبة".. المظلم رغم عودة الكهرباء إلى الانتظام.. الخاوى من النعم ما ظهر منها وما بطن..  بأن تحاور "بذكاء وتواضع ومهنية" رجلًا كان الأزهر فى عصره شابًا فتيًا قويًا.. والفن في زمنه رائعًا رومانسيًا.. والطرب في أيامه حليمًا  كلثوميًا؟

تمعنوا قولة الأديب الهندى الشهير طاغور .. "لا يهمنى من يحكم شعبى.. ما دمت أنا الذي اكتب أغانيه ".. وعليه  فالاعتذار لمؤرخنا الكبير واجب جماعي.. وذبح المذيعة الشابة ظلم اجتماعى !!