أحمد المسلماني يكتب: مهرجان القاهرة للأفلام العسكرية

الفجر الفني

بوابة الفجر


 

فى عام 2003 أطلقت روسيا مهرجان الأفلام العسكرية.. وفى سبتمبر 2017 انعقدت الدورة الـ(15) من المهرجان.. بحضور الصين وروسيا البيضاء وكازخستان. اسم المهرجان: «مهرجان أوزيروف للأفلام العسكرية» نسبة إلى المخرج الشهير «يورى أوزيروف» مخرج الروائع العسكرية.. «ملحمة التحرير» وفيلم «ستالينجراد» وفيلم «معركة موسكو».. ويقيم المهرجان وزارة الثقافة، بالتعاون مع وزارة الدفاع.. واسم الجائزة «السيف الذهبى».. المقابل العسكرى للسعفة الذهبية.. وقد فاز بها نجوم من دول عديدة.. من بينهم المخرج الأمريكى أوليفر ستون.

 

إن الأفلام العسكرية أو أفلام الحروب هى جزء رئيسى من صناعة السينما فى العالم.. وهى بالنسبة للدول وأجهزة المخابرات ليست مجرد متعة سينمائية أو صدمة بصرية.. بل هى جزء من السياسة ومن الحرب.. أو هى الحرب بطريقة أخرى.. ففى أفلام الحرب يجرى تمجيد الذات وتدمير العدو.. وفيها يتم زرع القيم الوطنية ونزع الهيبة والقوة من الخصوم.. هى ليست فقط جزءا مهما من القوة الناعمة.. بل تكاد تكون جزءا من «القوة الصلبة». ولقد طافتْ السينما فى العالم بالعديد من الحروب.. فهناك أفلام الحروب الأهلية، وأفلام الحروب العالمية.. وأفلام الحروب الإقليمية والثنائية. ثمّة أفلام عن الحرب الأهلية الأمريكية، والحروب الأهلية فى يوغوسلافيا والسلفادور ورواندا ولبنان وغيرها.

 

وثمّة أفلام عن حروب العراق وأفغانستان والصومال.. وحرب فيتنام.. وأما أفلام الحرب العالمية الأولى والثانية، فتكاد لا تُحصى.. وقد حظى أحدثها.. وهو فيلم «دنكيرك» الذى أُنتج عام 2017.. ويدور حول فك حصار.. وعملية إجلاء كبرى لجنود الحلفاء من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا.. ممّن حاصرهم الجيش الألمانى فى ساحل وميناء دنكيرك عام 1940.. باهتمام كبير.

 

إن هذه الأفلام- جميعها- إنما تعبِّر عن ولاءات وانتماءات وآراء منتجيها.. الظاهرين والمستترين. ولقد كانت صورة العرب والمسلمين دوما دون المستوى فى إجمالى الأفلام العالمية.. وفى فيلم «حرب تشارلى ويلسون» الذى يناقش دور عضو الكونجرس تشارلى ويلسون بالتعاون مع المخابرات الأمريكية فى دعم وتمويل حرب المجاهدين الأفغان ضد السوفييت فى أفغانستان أواخر السبعينيات.. جرتْ الإساءة إلى الماريشال الأسطورى محمد عبدالحليم أبوغزالة، وزير الدفاع المصرى أثناء الأحداث.. وجرى تصويره كشخصٍ غير جاد وغير مسؤول يمكن أن يتبنى رأيا أو يدعم استراتيجية أو يخوض حربا لمجرد حضوره حفلاً ساهرا.. أو تمايل راقصة شرقية بالقرب منه! وعلى الرغم من أن القرارات الفكرية والعقلية للمشير أبوغزالة أعلى بمراحل من المستوى العقلى المحدود لعضو الكونجرس الأمريكى.. إلاّ أن الرواية ثم الكتاب.. جعلت من «تشارلى ويلسون» شخصا عبقريا لديه قدرات خارقة.. وجعلت من «أبوغزالة» مجرد ضابط ماجن.. لا يشغله سوى الرقص والسيجار!

 

لم تقم السينما المصرية بأىّ رد.. ذلك أنها لم تقم أصلاً بما ينبغى إزاء حروبنا وأبطالنا.. إزاء معاركنا وأمجادنا. لقد جرى إنتاج بعض الأفلام المتميزة فى عهد الرئيس السادات وفى أعقاب نصر أكتوبر الباهر.. ولكن عصر الرئيس مبارك لم يشهد شيئا من ذلك باستثناء فيلم «الطريق إلى إيلات».. ويقول بعض النقاد إن الرئيس مبارك منع عرض فيلم «حائط البطولات» الذى أنتجه التليفزيون المصرى عام 1999.. لأنه تعرض لأداء سلاح الدفاع الجوى.. ولم يتعرض لأمجاد الرئيس. لا يوجد دليل على هذا القول.. لكن ما حدث هو ذلك بالضبط.. تم إنتاج الفيلم من قبل الحكومة المصرية.. ولم يتم عرضه!

 

تحتاج مصر إلى الكثير من الجهد فى بناء قوتها الناعمة.. إلى إنتاج (مائة فيلم) من أفلام الحروب.. التى تعرض وتمجد جوانب من تاريخها العظيم عبْر العصور.. منذ حروب أجدادنا الفراعنة وحتى الآن.. ثم إنتاج (مائة فيلم) أخرى تتعرض للحروب العربية والإسلامية وحروب العالم.. من منظور مصرى. كما تحتاج مصر إلى إطلاق عدة مهرجانات سينمائية.. إلى جوار مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.. ليكون أحدها «مهرجان القاهرة للأفلام العسكرية».. على غرار مهرجان موسكو. لقد استخدم أجدادنا الفراعنة الرمح والسهم فى حروبهم.. ويمكن أن يكون «السهم الذهبى» أو «الرمح الذهبى» مقابل «السيف الذهبى».. هو جائزة المهرجان. سوف تشارك دول عربية، وكذلك دول أفريقية وآسيوية ولاتينية فى «مهرجان القاهرة للأفلام العسكرية». لا يحتاج مثل هذا المهرجان سوى إلى قرار.. ثم إلى نخبة سياسية وسينمائية متميزة.. تضع جدول الأعمال وخريطة الطريق.