نادية صالح تكتب: بعيداً عن السياسة مع لميس الحديدى وبليغ حمدى

مقالات الرأي



كانت سهرة الأربعاء 13/9 الثالث عشر من سبتمبر الجارى تحكى قصة تراجيدية غريبة جداً..، انتزعتنى شخصياً، يومها أو ليلتها من كل شيء حولى واسترجعت معها أحداثا وحواديت وكادت «لميس الحديدي» مقدمة البرنامج العزيزة، أن تجعلنى أشعر أننا نقف أمام أنفسنا فى المرآة لنرى كم كنا ظالمين، وكم كنا قساة القلوب، وكم كان بعضنا فى حالة «نفسنة» بلغة هذا الزمان، وإلا فكيف تكون هذه التراجيديا والنهاية الحزينة لبليغ حمدى.. الذى عشنا ومازلنا مع موسيقاه وألحانه التى امتلأ بها قلبه الرقيق وفنه الغامر.. حتى لفتنا الألحان من حولنا وحولت حياتنا إلى نغمة رائعة بألحان ونغمات مختلفة، ولكنها كلها مصر وإنسان مصر وفن مصر الجميل..، وبأصوات مختلفة غنينا «ألف ليلة وليلة» و«أنساك» و«تخونوه» و«فات الميعاد» و«عدوية» وحتى شيخنا الراحل النقشبندى صدح بألحان «بليغ» فى رمضان، وغيرها كثير من الألحان والأصوات «أم كلثوم.. عبدالحليم حافظ.. صباح.. محمد رشدى.. عفاف راضى.. وردة» وللحق لابد أن نصفق لـ«لميس الحديدي» على هذه السهر التى ضربت بها مجموعة عصافير بحجر واحد.. لقد استضافت الناقد الكبير طارق الشناوى، وابن شقيق «بليغ حمدي» وعرفنا أن اسمه الأستاذ «تامر حمدي» وبالمناسبة يشبه بليغ جداً، ولكن لم نعرف ماذا يعمل واستضافت السهرة مطربة شابة اسمها «إيمان» أطربتنا وأسعدت السهرة بصوت جذاب وحساس أيضاً وطارت «لميس» من النشوة وقت سماع ألحان بليغ حمدى بصوته أو صوت المطربين العظام الذين غنوا له أو الشابة «إيمان»، وكنت مثل «لميس» أكاد أطير من النشوة، ولكن التى يشوبها كثير من الندم على ما تقترفه أيدينا أحياناً، المهم هناك عصفور آخر أصابته «لميس» العزيزة وهو إخراجنا من «السياسة» وبلاويها.. ويبقى أن نتأمل المعادلة الصعبة التى كانت فى هذه الذكرى لـ«بليغ حمدي» ومأساة رحيله الذى مات بعيداً عن مصر التى أحبها وتنفس هواءها وتحول فى صدره إلى أنغام وفن وحب للحياة، وأظن أن نشيد «الله أكبر» يحكى عن قمة الوطنية والإحساس المرهف بالوطن فهو بصوت وردة «على الربابة يغنى» دايماً يتنفس فن مصر وحب مصر وناس مصر.. واسمحولى يا أيها السادة أن نحاسب أنفسنا ولو دقائق ألم تكن المنافسة والغيرة الفنية من انتشار ألحان بليغ بعضاً من أسباب هجوم الدنيا على ما حدث فى قضيته وحادث انتحار هذه الفنانة من بيته، ثم خروجه من البلاد، حتى كانت البراءة التى حصل عليها ولكن بعد أن فات الأوان أو فات الميعاد..، وإذا كان ابن شقيقة أ. تامر حمدى قد أشار إلى ما أشيع عن عمه «بليغ» وأنه «بوهيمي» ودافع أو دفع هذه الصفة عن بليغ حمدى قائلاً: كيف يمكن أن يكون «بوهيمي» وهو يقدم هذه الألحان الكثيرة والمتعددة، وهذه لفتة مهمة كان لابد أن نقف عندها فعلاً، وأخبرنا الأستاذ تامر حمدى أيضاً أن بليغ لم يكن يتقاضى ملياً واحداً مقابل ألحان أغانيه الوطنية، هكذا كان الرجل الفنان، ولكن هكذا كان البعض قساة القلوب والنفوس معه وكانت الغيرة تأكل قلوبهم، ولابد هنا أن نقول إن رحيل بليغ بهذه الصورة المأساوية لم يمنع ألحانه وفنه من البقاء حتى الآن، الفن الحقيقى يعيش بيننا يسعدنا ونسعد به ونعتز ببلدنا وبأبنائه وفنانيه مهما كانت الظروف والأحداث..

ويبقى - وكما جاء فى السهرة- التى أجادت فيها لميس الحديدى إدارتها كالعادة، وكذلك الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى.. خزانة أسرار الفن والفنانين- وتعرفنا على ابن الأخ أ. تامر حمدى وكانت طلته طيبة وذكية مثل عمه الراحل.. وبقى وكما اقترح الضيوف تكريم وتخليد اسم «بليغ» بإطلاق اسمه على أحد شوارع بلدته أو أحد الاستوديوهات وهو اقتراح نتقدم به للسيد وزير الثقافة.. وإن كان الخلود فى ألحانه على طول الزمان.