مي سمير تكتب: نواب بـ"الكونجرس" يوثقون تسلل الجماعة لأعلى مستويات "الأمن القومى الأمريكى"

مقالات الرأي



والسلطات تتجاهل مطالبهم بالتحقيق

تقرير يفضح التعاون بين أجهزة الأمن الأمريكية و"الإخوان"


تثير العلاقات العميقة بين عدد من المؤسسات الأمريكية وتنظيم الإخوان العديد من علامات الاستفهام حول السر وراء هذا الرباط غير المقدس. وتحت عنوان «تغطية الأمن القومى، والأخطاء، وسوء الحسابات» كتبت الباحثة الأمريكية جانيت ليفى، على موقع «جهاد واتش» تقريراً مفصلاً عن تورط عدد من المؤسسات الأمريكية مع الجماعة بدأ التقرير بتصريح جريء وخطير لأدميرال البحرية المتقاعد جيمس ليونز، القائد السابق لأسطول المحيط الهادئ الأمريكى، والذى قال إن التنظيم الإرهابى «اختطف» كل أجهزة الأمن القومى فى أمريكا  بما فى ذلك وكالات الاستخبارات، قدم ليونز هذا التصريح المذهل فى 16 يناير 2015 خلال مؤتمر برعاية مركز السياسة الأمنية، وهو مركز محافظ فى واشنطن.


حسب جانيت ليفى، لم يتم اتخاذ أى إجراء فى السنتين الماضيتين، لعكس مسار هذه الحالة الخطيرة، فتمكين الأفراد من أصحاب الولاءات المشكوك فيها داخل مجتمع الولايات المتحدة الاستخباراتى لا يزال مستمراً بلا هوادة، وتستهدف حكومة أمريكا بصورة روتينية خبراء الصناديق المنتجين والمشرعين فى مكافحة الإرهاب والخبراء الشرعيين فى مجال مكافحة الإرهاب، وفى نفس الوقت تخفق فى تسمية المنظمات الإرهابية على هذا النحو.

حسب التقرير الأمريكى، استمرت إخفاقات المخابرات الأمريكية والتسييس اللامع لسنوات طويلة لكيانات مشبوهة، ما جعل الجهود ضد الإرهاب غير فعالة ووضع  أمريكا  فى خطر كبير.

التسلل  إلى مكتب التحقيقات الفيدرالية

أدت الهجمات الإرهابية التى وقعت فى 11 سبتمبر بشكل متناقض إلى تسلل كبير لجماعة الإخوان، والشخصيات ذات الصلة القوية بالتنظيمات الإرهابية إلى الأجهزة الأمنية الأمريكية، وفقا لما ذكره بول سبيرى، مؤلف كتاب «التسلل.

على سبيل المثال حصلت سيدة باكستانية على تصريح  للعمل فى مكتب التحقيقات الفيدرالية، رغم التحقيقات السابقة التى أجرتها الإف بى آى والتى كشفت عن وجود علاقة طويلة الأمد تجمع  والد هذه السيدة مع  تنظيمى طالبان والقاعدة الإرهابيين، وبعد ستة أشهر من تعيين هذه السيدة اكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالى تسرب تردداته اللاسلكية إلى باكستان، والأكثر إثارة للدهشة، تم توظيف أبناء هذه السيدة لاحقاً للمساعدة فى عمليات الترجمة.

تدمير وتجاهل البيانات

فى عام 1999، أنشئ برنامج «أبل دانجر»، وهو برنامج لاستخراج وتحليل البيانات  لتزويد الجيش بمعلومات عن الأفراد المرتبطين بالقاعدة، ونجح البرنامج فى تحديد 5 خلايا تابعة لتنظيم القاعدة، من بينها «خلية بروكلين «التى تضم الإرهابى محمد عطا، أحد  منفذى أحداث 11 سبتمبر إلى جانب مروان الشحى وخالد المحضر ونواف الحازمى.

وفى أبريل 2000،  تم الاستغناء عن خدمات  الباحث جيمس سميث رغم قيامه بكثير من عمليات استخراج البيانات والتحليل المتعلقة بتنظيم القاعدة واكتشافه الصلة بين عطا والشيخ عمر عبد الرحمن مفجر مركز التجارة العالمية.

علاوة على ذلك،  تم إعطاء أوامر إلى مسئول البنتاجون الرائد إريك كلينزميث، بتدمير 2.5 تيرا بايت من بيانات برنامج «أبل دانجر»، أى ما يعادل 25٪ من المواد المطبوعة فى مكتبة الكونجرس،  ورغم أن الرائد اريك كلينزميث كان يرى أن هذه  البيانات الواسعة يمكن أن تساهم فى رسم خريطة مفصلة لحجم التهديدات التى يشكلها تنظيم القاعدة فى مختلف  أنحاء العالم.

كما تم تدمير السجلات التى حددت عطا و3 من مرتكبى أحداث 11 سبتمبر قبل أكثر من عام  من الهجمات، وعلاوة على ذلك، تم إلغاء التصريح الأمنى المقدم إلى العقيد انتونى شافير، وهو ضابط سابق فى عمليات الاستخبارات فى برنامج «أبل دانجر» عندما حاول الإدلاء بالشهادة أمام اللجنة.

إغلاق العملية «السعى الأخضر»

بعد أحداث 11 سبتمبر، داهم عشرات من العملاء الفيدراليين بقيادة دائرة الجمارك الأمريكية أكثر من 100 منزل، والأعمال التجارية، والجمعيات الخيرية، ومراكز الفكر فى هرندون بولاية فرجينيا، خارج العاصمة واشنطن، فى عملية  أطلق عليها اسم عملية «السعى الأخضر» أو جرين كويست.

الوحدة المنفذة للعملية والتى تنتمى  لعدد من الوكالات جمعت 7 شاحنات من الملفات والحواسب التى تم الاستيلاء عليها من مكاتب مجموعة الصفا والتى تسمى أيضا شبكة سار، يمتلك مجموعة صفا سليمان عبدالعزيز الراجحى، وهو ملياردير سعودى يعمل فى قطاع البنوك وكان أحد الأسماء الواردة  فى قائمة  السلسلة الذهبية الشهيرة والتى تضم أسماء ممولى وأنصار تنظيم القاعدة من مختلف أنحاء العالم، وتمتع الراجحى بعلاقة صداقة قوية مع وديع الحاج، السكرتير الخاص لأسامة بن لادن، والذى أدين فى تفجيرات السفارة الأمريكية عام 1998 فى إفريقيا.

اهتم المحققون الاتحاديون بشكل خاص بالعلاقات بين شبكة «سار» وبنك التقوى، وهو بنك سويسرى أغلق بعد أحداث 11 سبتمبر بسبب الاشتباه فى ارتباطه بتنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية، بما فى ذلك جماعة الإخوان، قام مسئولون أمريكيون بتتبع 20 مليون دولار تدفقت من شبكة «سار» من خلال بنك التقوى، فضلاً عن العلاقات مع قادة الإخوان، وفقا لتقرير صادر عن الكاتب دوجلاس فرح.

لكن المثير للدهشة بحسب تقرير جانيت ليفى، أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى مولر، طلب السيطرة على عملية «السعى الأخضر» وحصل بالفعل على هذا الحق فى إدارة العملية من وزارة الأمن الداخلى فى عام 2002، فيما بعد وجهت وزارة الأمن الداخلى اتهاماً إلى مكتب التحقيقات  الفيدرالية بتخريب عملية «السعى الأخضر» وغيرها من التحقيقات فى تمويل الإرهاب.

ولكن فى عام 2003، وبعد معارك حكومية داخلية واسعة وشائعات عن استياء الإخوان من عملية السعى الأخضر تم إيقاف العملية بشكل دائم.

الإخوان فى البنتاجون والخارجية  

ويلقى التقرير الضوء على توغل بعض الشخصيات الإخوانية داخل وزارة الدفاع الأمريكية مثل هشام إسلام، الذى يعمل فى برنامج التوعية بالإسلام فى البنتاجون والمشكوك فى انتمائه للتنظيم الدولى للإخوان، وذكر ستيف ايمرسون المدير التنفيذى لمشروع التحقيق فى الارهاب، أن هشام إسلام نجح أيضا فى جلب كثير من الأفراد المتعاطفين مع الإخوان إلى داخل البنتاجون.

وفى عام 2009، أمر فيليب هانى، المتخصص فى القضايا المتعلقة بالإسلام داخل وزارة الأمن الداخلى الأمريكية، بحذف أو تعديل مئات السجلات المرتبطة بالأفراد والمدارس والمساجد والمراكز الإسلامية التى تربطها علاقاتها بالعمليات الإرهابية.

وبصفته نائباً لرئيس اللجنة الفرعية المعنية بالجريمة والإرهاب والأمن الداخلى، سعى السفير لويس غومرت، مراراً وتكراراً إلى الوصول إلى الوثائق التى قدمها المتهمون الإرهابيون خلال محاكمة «مؤسسة الأراضى المقدسة» التى تثبت تورط المؤسسات التابعة للإخوان فى أمريكا فى تمويل التنظيمات الإرهابية.

ووثق غومرت، هو وأربعة أعضاء جمهوريين آخرين فى الكونجرس تسلل الإخوان المسلمين على أعلى مستويات إلى جهاز الأمن القومى الأمريكى، إلا أن دعواتهم للتحقيقات تعرضت للتجاهل.

وتنهى الباحثة الأمريكية جانيت ليفى، تقريرها بالإشارة إلى أنه من الواضح تماماً أن كثيرا من الذين تعهدوا بحماية الأمريكيين ارتكبوا مخالفات أمنية وطنية، كما تؤكد ضرورة التحقيق فى تصريحات  جيمس ليونز حول تعرض مجتمع الاستخبارات الأمريكية للاختراق من قبل تنظيمات مثل الإخوان المسلمين.