حكم الأذان والإقامة في أذن المولود الجديد

إسلاميات

مولود جديد - صورة
مولود جديد - صورة ارشيفية


سن النبي صلى الله عليه وسلم فعليًا الأذان والإقامة ومن السنن الفعلية التي تقام للمولود عند ولادته، الأذان فى أذنه اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى، وذلك بعد الولادة مباشرة.

عن أبي رافع رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن فى أُذن الحسن بن على حين ولدته فاطمة، وورد في الإقامة حديثين فيهما ضعف بخلاف الأذان، ولكن معنى الحديث الأول يؤكد معناهما، عن الحسن بن على رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "من ولد له مولود فأذن فى أُذنه اليمنى وأقام فى أذنه اليسرى، لم تعره أم الصبيان"، وعن عبد الله بن عباس – رضى الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أُذن الحسن بن على يوم ولد ، وأقام فى أُذنه اليسرى .

وتأتي هذه السنة في سياق تدعيم الفطرة السوية للمولود، وبث شعار الإسلام فى نفس المولود، وإعلان الإسلام فى قلبه قبل أن تتلقطشه نداءات الشيطان، وتجتذبه أصوات الغناء، وتستهويه ميوعة المنحلين.

إن هذا النداء يتضمن معانى الإسلام وشعائره، من تكبير وتهليل وإثبات لرسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم ونداءات لإقامة الصلاة، ودعوة صريحة للفلاح العام الشامل في الدنيا والأخرة الذى تتضمنه رسالة الإسلام للبشرية جمعاء .

وقد قدر الله تعالى، في صورة من صور الإعجاز العلمى الفريد ، خلق أدوات ووسائل تلقى العلم وتحصيله ، وهى الجهاز السمعى والبصرى والأفئده وهى العقول ، قال تعالى : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ، ففي قوله إشارة إلى تمام الخلق ، وفى قوله : السَّمْعَ ، إشارة أيضاً إلى تهيئتة الجهاز السمعي بالكامل للعمل قبل الولادة ، وكذلك بنفس الترتيب القرآنى ، وهذا ما أثبته العلم الحديث، ومنه تستخلص حقيقة أن الاجنة يدركون الأصوات التى يسمعونها وهم فى أحشاء أمهاتهم ، كذلك المولود حينما يؤذن ويقام عند سمعه ، يكون مدركاً لهذه النداءات ومميزاً لها، وعندما يتقدم فى النمو يترسخ هذا الصوت بمعناه عنده ، تقريراً لمفهوم الفطرة عند المولود.

وأجرت بعض مراكز البحوث بعض الأبحاث على مجموعة من الأجنة فوجدت أنهم يقبلون على الرضاع بصورة إيجابية مضاعفة، عند سماع الأصوات المحببه التى كانوا يسمعونها وهم فى بطون أمهاتهم، وأنهم ينقبضون ويضربون وتقل شهيتهم إلى الرضاع عند سماع الأصوات التى كانت تنقبض منها الأمهات ، وهذا يجعلنا نشعر من فعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (الأذان والإقامة)، حتى يظل الصوت مألوفاً إلى نفسه محبباً إلى قلبه فيمثل لدى الطفل نوعاً من الحصانة القلبية والنفسية من وساوس الشيطان .

والمولود عند ولادته يكون صفرًا من المعلومات، وفي ذات الوقت يكون مزودًا بوسائل الإدراك الثلاثة سالفة الذكر: السمع والبصر والفؤاد، وهم مهيئون وقابلون للعمل فور الولادة ، وأقواهم وأشدهم إستعداداً للعمل هو الجهاز السمعى ، قال تعالى : وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، فإستحبت الشريعة الإسلامية أن يكون أول عملها هو تلقى شعار الإسلام.

وللعلماء فى أسرار التأذين والإقامة أقوال نذكر منها:
وقال الإمام ابن القيم فى تحفة المودود : إن سر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات النداء العلوى المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التى أول ما يدخل بها فى الإسلام ويتعلق به .

وفيه معنى آخر : وهو أن تكون دعوته إلى الله .

وقال الدهلوي: الأذان من شعائر الإسلام، وإعلام الدين المحمدى، ثم لابد من تخصيص المولود بذلك الأذان، ولا يكون إلا أن يصوت به فى أذنه وأيضاً فقد علمت أن من خاصية الأذان أن يفر من الشيطان، والشيطان يؤذى الولد فى أول نشأته.

ويقول محمد قطب: ومن حكمة الأذان أن الرأس بالنسبة إلى الإنسان هى مستودع الحواس التى تتحكم فى كيان المولود نفسياً وجسدياً من سمع وبصر وشم وذوق، وحين يكون الأذان بمضمونه من التكبير والتوحيد أول ما يطرق السمع من أن الوليد أو الوليدة فى تلك الفترة لايدرك شيئاً، وإلا أن واعيته تحتفظ بالنبرات والتقطيعات، فإنسكابها كالماء الصافى الرقراق في الأذان يوافق الفطرة كل الموافقة ويسد على النفس مآرب الشرك ويحميها منه.