سبعينية تصرخ من داخل جزيرة الوراق: حد كان يوعينا قبل ما نشتري بيوتنا (صور)

تقارير وحوارات

أم محمد
أم محمد


منذ لحظة وضحاها تحول حالهم من أدنى درجات الرفاهية إلى وضع لا يرثى له، فمحتويات منزلهم باتت مدمرة أمام أعينهم، ولا يآويهم سوى قطعة"حصيرة" مهلهلة، يجلسون عليها وظلال من كوبري يحميهم من حرارة الشمس الحارقة، هكذا حال أسرة الحاجة "أم محمد" داخل جزيرة الوراق.

 

بوجه يملؤه الحزن، تقبع الحاجة "أم محمد"، البالغة من العمر خمسة وسبعون عامًا، برفقة نجلها وزوجته وأحفادها الأربعة، تسترجع تفاصيل ليلة عصيبة مرت عليها، قائلة: "بعد يوم مرت عليه ساعاته وأن بجري على رزق ولادي في شوي الذرة، رجعت أنا ومرات ابني لاقينا بيتنا وشقى عمرنا على الأرض، ومحدش فكر إحنا بنيناه ازاي وهنعمل إيه وهنعيش فين، ولا لينا سند نتكل عليه ولا حد حتى نروح نستخبى عنده من الشمس، وقعدت الشارع دي".



تتطلع لأوراق الملكية الخاصة بمنزلها بحسرة، قائلة: "أدي العقد معانا وكل ورق البيت.. إحنا ولا تعدينا على حد ولا نعرف أصلا أن الحكومة لها حق.. طيب حد كان يقولنا الكلام ده ويوعينا قبل ما نشتري وذنب العيال ايه".



وتلتقط زوجة ابنها أطراف الحديث قائلة، إنها تريد حقها من الوزير في بناء منزل أخر يعوضها عن عقاره المهدوم: "مش هو اللي أصدر القرار يبنيلي بيت مكانه.. أو يجبلي واحد غيره.. واحنا هنفضل في الشارع مش هنمشي ونسيب أرضنا أبدا لو هيموتنا.. نموت فيه". 



وعن الأقاويل المتداولة أن أهالي جزيرة "الوراق" قاموا بمهاجمة قوات الأمن وقت الهدم، قالت: "هنضربهم بايه هو احنا معانا حاجة نضرب بيها.. وبعدين جينا لقينا البيت واقع ومتساوي بالأرض.. وهو لا حتى الشرطة شوفتها ولا أي حاجة ومن وقتها قاعدة في الشارع أنا وحماتي العجوزة اللي بتتحرك بالعافية".



صمتت الحاجة "أم محمد" للحظات، ليرتفع بصرها إلى نجل ابنها الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، ويغطي ملابسه الأتربة الناتجة عن جدران المنازل: "يعملو ايه العيال الصغيرة دي وذنبهم ايه في اللي بيحصل.. بدل ما نعلمهم ونعيشهم عيشه كريمة بنوريهم الظلم علني قدام عنيهم".