أحمد شوبير يكتب:التجربة الألمانية

الفجر الرياضي




عندما اتخذ يواخيم لوف المدرب الشهير للمنتخب الألمانى قراره بأن يشارك فى بطولة العالم للقارات بفريق معظمه من الصف الثانى تعرض لانتقادات حادة من وسائل الإعلام الألمانية بحجة أنها ستكون أسوأ دعاية للكرة الألمانية المعروفة دائما بقدرتها على المنافسة أو انتزاع الألقاب وطالب العديد من وسائل الإعلام الرجل بأن يتراجع عن هذا القرار وأن يضع مصلحة ألمانيا فوق الجميع! لكن الرجل صمم على موقفه وشارك بفريق معظمه من لاعبى الدورى المحلى مع عدد قليل جدا من المحترفين فى الخارج وجاءت بداية الفريق ضعيفة للغاية حيث فاز بصعوبة على المنتخب الأسترالى 3/2 ثم فاز على الكاميرون وتعادل مع منتخب تشيلى فى المجموعة. وتصاعدت حدة الهجوم على الرجل من أنه سيقضى على هيبة الكرة الألمانية.

واستمر الطرفان فى الصراع إعلام مصمم على الهجوم ومدرب مصمم على التجربة إلى أن نجح الرجل فى اجتياز المكسيك بفوز كاسح فى نصف النهائى ثم اجتاز منتخب شيلى فى النهائى بهدف وحيد وتصدرت ألمانيا التصنيف العالمى من جدد وانقلبت وسائل الإعلام الألمانية من نقد وهجوم وتجريح للرجل إلى إشادة وتقدير بعبقريته الفذة وبقدرته على اكتشاف جيل جديد يستطيع أن يأخذ بيد الكرة الألمانية، وللعلم فهذا هو حال الإعلام فى كل مكان، ولكن ما يهمنى أصلا من كتابة هذه السطور هو كيفية دراسة التجربة الألمانية والاستفادة منها فألمانيا هى بطلة العالم لكرة القدم فى آخر نسخة، وتأهلت لنصف نهائى كأس أوروبا وخرجت بركلات الترجيح.

ألمانيا هم أبطال أوروبا تحت 20 سنة ولا توجد بطولة قارية أو دولية إلا وكان لألمانيا دور مهم فيها وأذكر أنه منذ عدة دورات فى كأس العالم وكأس أوروبا وبالتحديد مع نهاية عام 98 كان هناك انهيار واضح للكرة الألمانية وتجرع وقتها المنتخب الألمانى مرارة الهزائم الثقيلة واعتقد الجميع أن الكرة الألمانية انتهت مثلما حدث مع الكرة المجرية والتشيكية وغيرها ممن كانوا أصحاب مدارس كروية عظيمة إلا أنها ماتت وانتهت إلى غير رجعة، وكانت ألمانيا على أبواب تنظيم كأس العالم 2006 ووقتها اتخذ الاتحاد الألمانى عدة خطوات للبناء وإعادة الكرة الألمانية للصدارة مرة أخرى واعتمدوا خطة كان قد قدمها المدرب الألمانى الشهير فايتسا الذى سبق وأن تولى تدريب النادى الأهلى ومنتخب مصر، ووعدوا الناس بأنه فى خلال 8 سنوات ستعود الكرة الألمانية إلى سابق عهدها وأكدوا أنهم لن يحققوا لقب كأس العالم فى بلدهم وأن أقصى ما يمكنهم الحصول عليه هو المركز الثالث، وهو ما حدث بالفعل ويومها احتفل الألمان كما لو كانوا أبطالا للعالم لأنهم أيقنوا أنهم يسيرون على الطريق الصحيح، حيث إن الاتحاد الألمانى لكرة القدم كان قد نفذ خطة كاملة لعودة الكرة الألمانية بكل دقة وإتقان فعاد الدورى الألمانى قويا محترما وعادت المنتخبات الألمانية للصدارة مرة أخرى. وأصبحت الفرق الألمانية قاسما مشتركا فى بطولات أوروبا.

إذن فى ألمانيا اعترفوا بالأخطاء ووضعوا سبل العلاج حتى وصلوا إلى النجاح الكامل، يعنى التشخيص كان سليما لذلك نجح الجراح فى الوصول إلى بيت الداء، لذلك نجحت الجراحة.. أما نحن هنا فى مصر وبكل أسف فما زلنا نكابر ونعاند ونؤكد أن الدورى المصرى عال العال وأن انتهاء بطولة الدورى لهو إنجاز عالمى يحسب لاتحاد الكرة! وأن تصدرنا مجموعتنا فى كأس العالم لهو قمة النجاح وأن خروج منتخبات الشباب والناشئين من البطولات جاء بسبب المؤامرات والدسائس وأن تأجيل المباريات هو للصالح العام وأن الإخفاق التحكيمى المتعمد أحيانا ما هو إلا أخطاء بشرية عادية وأن وضع اللوائح ثم مخالفتها أمر طبيعى واللى مش عاجبه يخبط دماغه فى الحيط.

يا سادة أمامكم تجربة استفادت منها إنجلترا نفسها وأعلنت ذلك وبدأت بشائرها تتضح من فوزها بآخر بطولة لكأس العالم للشباب والبقية تأتى.. لو أننا جادون فى الإصلاح فعلينا أن نتعلم من تجارب الناجحين إن أردنا فعلا إنقاذ الكرة المصرية وعودتها لطريق الانتصارات من جديد.