منال لاشين تكتب: نواب 25/30 كتبوا استقالة جماعية ووقعوا عليها وأودعوها لدى نائب منهم

مقالات الرأي



أسرار جديدة فى قضية تيران وصنافير

■ تكوين ائتلاف معارضة جديد من أكثر من 70 نائبا بعد لقاءات رمضانية يغير من خريطة البرلمان

■ النواب علقوا الاستقالة لحين الفصل فى قضية المحكمة الدستورية العليا


بعض الأيام تبقى دوما محفورة فى صفحات التاريخ، تثير دوما الجدل والنقاش والتحليلات والأسرار والكواليس، وليست الأيام فقط وإنما ما يجرى فى هذه الأيام أو بالاحرى بعض ما دار فى هذه الأيام من قضايا وأحداث، وتنبطق هذه القاعدة على قضية الجزيرتين.

لم ولن تنتهى أسرار وكواليس وتوابع اتفاقية تيران وصنافير، ليس فقط لأن هناك حكما حاسما للمحكمة الدستورية يوم 30 يوليو، ولكن بعض توابع القضية لا تزال تتوالى حتى لو كانت هذه التوابع فى الظل أو وراء الكواليس أو قيد التنفيذ والاتفاق، فالصورة الصاخبة جدا داخل البرلمان لم تعكس التفاعلات الحقيقية والأسرار والكواليس، وبدا للبعض مع تمرير الاتفاقية أن الموضوع انتهى داخل البرلمان دون ذيول أو توابع، لكن الحقيقة تختلف عن ذلك، على الأقل بالنسبة للنواب المعارضين للاتفاقية، وفى قلب هؤلاء النواب كتلة 25/30 داخل البرلمان، والقصة التالية ليست مجرد تسجيل دقيق أو أسرار وكواليس ما حدث فحسب، ولكنها تقدم اجابة للسؤال الذى كثر تردده خلال الأسبوع الماضى، سؤال لماذا لم يقدم نواب 25/30 استقالاتهم أثناء مناقشة الاتفاقية فى البرلمان أو بعد إقرار الاتفاقية.


1- استقالة جاهزة

منذ بدء الحديث عن مناقشة الاتفاقية فى البرلمان فى شهر رمضان وقبل حتى بدء المناقشة، لم يكن خيار الاستقالة بعيدا عن تفكير أعضاء تجمع 25/30، فالاستقالة كانت أحد الخيارات الرئيسية لدى أعضاء ائتلاف المعارضة الوحيد داخل البرلمان، وقد وصل الأمر بعد المناقشات فى البرلمان إلى قرار خطير، فقد اجتمع أعضاء الائتلاف خارج البرلمان، وقرروا تجهيز استقالة جماعية، وبالفعل كتبوا الاستقالة ووقعوا عليها، واودعوها لدى نائب منهم، والاستقالة لا تزال موجودة لدى النائب المحترم، لكن خلال الاجتماعات الدائمة والمتواصلة كان الرأى الغالب لدى الائتلاف هو مواصلة العمل السلمى لآخر لحظة أو آخر نفس، وأن تكون الاستقالة خيارا مطروحا دوما، لكنه ليس الخيار الوحيد، وقد استقر الائتلاف عند هذا الرأى، فبدأ فى التواصل مع النواب الآخرين داخل البرلمان لشرح وجهة نظرهم، وشرح مخاطر الاتفاقية، وقد أسفرت هذه الجهود عن ارتفاع عدد النواب الموقعين على رفض الاتفاقية إلى 124 نائبا، وبعض النواب الموقعين من ائتلاف دعم مصر، ومن أحزاب أخرى وافقت على الاتفاقية، ولكن هذا العدد لم يعزز خيار الاستقالة، لأن هذا العدد لا يؤدى إلى انهيار البرلمان فى حالة الاستقالة الجماعية لهذا العدد، فقد حدد الدستور عدد 450 نائبا كحد أدنى لعدد النواب، واستقالة كل النواب المعارضين لم تكن تؤثر على دستورية عدد نواب البرلمان.

فضلا على هذه النقطة، فان بعض النواب المعارضين للاتفاقية لم يوافقوا على مبدأ الاستقالة من البرلمان، إذ اعتبر هؤلاء النواب أنهم وثقوا موقفهم المعارض وهذا يكفى، وان الاستقالة لن تمكنهم من أداء دورهم فى القضايا الأخرى التى ستناقش خلال البرلمان فى الدورات الثلاث المقبلة.


2- خريطة جديدة

بالطبع أدرك وأشعر بكل الاحباط الذى يشعر به معارضو الاتفاقية، خاصة بعد موافقة البرلمان عليها، وأن الاحباط والغضب دفع الكثيرين لمطالبة نواب 25/30 بالاستقالة من البرلمان، وهذا اتجاه عبر عن نفسه كثيرا على صفحات فيس بوك وأخواته من وسائل التواصل الاجتماعى، واعترف بأننى فى البداية قد تحسمت لفكرة استقالة النواب، انها ختام درامى ضخم وصاخب وعلى قدر الحدث، إنها صرخة كبرى اعتراضا على حدث مؤثر، ولكن بعد تفكير وضعت الاستقالة فى حجمها الطبيعى احد الخيارات المهمة فى التعامل مع الملف الأكثر أهمية فى مستقبل الوطن، فلولا هؤلاء النواب لما وجد معارضو الاتفاقية من يعبر عنهم فى البرلمان، ومن يعكس وجهات نظرهم فى المؤسسة الدستورية، وهذا أمر يختلف تماما عن المعارضة على الفيس والفضاء الإلكترونى.

وقد حكى لى احد أعضاء ائتلاف 25/30 تطور العمل داخل الائتلاف، وقال إنهم بدأوا بإرسال عريضة للرئيس السيسى، ومن ناحية أخرى أو على مستوى آخر وجدوا فرصة لتغيير خريطة البرلمان بشكل نسبى، فالتواصل مع النواب من خارج الائتلاف خلق أرضية مشتركة للحوار حول قضايا عديدة، من بين هذه القضايا ما يخص طريقة إدارة البرلمان من ناحية وإدارة الأحزاب وائتلاف دعم مصر للتواصل مع نوابهم من ناحية أخرى، وهناك قضايا اقتصادية واجتماعية كانت محل تواصل بين ائتلاف 25/30 والنواب الرافضين للاتفاقية، وقد نتج عن هذه المناقشات خلال لقاءات رمضانية أرضية مشتركة، هذه الأرضية السياسية تسمح بمولد ائتلاف برلمانى جديد تحت القبة، ائتلاف أكبر من تكتل 25/30 بعدة أضعاف، هذا الوليد الجديد مرن سياسيا، وسيسمح لنوابه بحرية الخلاف فى بعض القضايا، لكنه سيغير من خريطة البرلمان بشكل نسبى، وسيمنح البرلمان شكلا جديدا، وإن احتفظ ائتلاف دعم مصر بالأغلبية.

ولكن هذه النتائج السياسية لا تقضى تماما على خيار الاستقالة، فمبدئيا نواب 25/30 فى انتظار حكم المحكمة الدستورية الذى سيصدر فى 30 يوليو المقبل، وبعد الحكم سيتم اتخاذ قرار جماعى، اما ان تظهر الاستقالة المكتوبة وتقدم لرئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال، وإنما أن يكون القرار الاستمرار كصوت معارض سواء للاتفاقية أو غيرها من قضايا الوطن التى تناقش تحت البرلمان، ألم أقل لكم إن الملف لم يغلق بعد وان كل الخيارات مطروحة أمام النواب المعارضين للاتفاقية، وسوف تحدد الأسابيع المقبلة الخطوات الحاسمة لائتلاف 25/30، الذين لا يتجاوز عددهم العشرين نائبا، ولكن رغم هذا العدد الصغير والذى يمثل 2,5% من أعضاء البرلمان، ورغم هذه النسبة الصغيرة جدا، فان هؤلاء النواب أدوا دورا مهما داخل البرلمان، وتحملوا الكثير من الاتهامات والضغوط، وعلى رأسها ضغوط السؤال المستمر لماذا لم يستقيلوا من البرلمان، وهو سؤال لا يزال فى انتظار إجابة أو بالأحرى انتظار الأحداث المقبلة.