الناقدة عزة هيكل تكتب: الجماعة ( 2 ) انقلاب على التاريخ

ركن القراء

عزة هيكل
عزة هيكل



 الجماعة ( 2 ) لم يكن عملا دراميا متكاملاً وإنما اعتمد فيه المؤلف على عدة مصادر ومراجع تاريخية بعضها منصف للمرحلة والآخر مفجحف ومعادٍ ومن هنا كان  الإخراج مع السيناريو يقترب من الرصد التاريخى اكثر من العمل الفنى الدرامى ولكن يظل هذا العمل فريداً لانه تاريخ وتسجيل لأخطر جماعة عرفها التاريخ المعاصر..

وبالرجوع إلى عدة مراجع تاريخية مازال أصحابها على قيد الحياة نجد بعض الاختلاف أو كثير من التناقض بين الحقائق والوقائع وبين وجهة نظر الكاتب ورؤيته وتلك جدلية أدبية وفنية تتعلق بالأعمال والدراما التاريخية أى تلك التى تتعرض لحقبة زمنية ووقائع وشخوص بأعينهم ففى هذه الحالة الإبداعية على الكاتب ألا يقع فى فخ التقرير والمباشرة وإلا تحول كما يقول أرسطو من مجرد مبدع إلى مؤرخ يرصد الوقائع والأحداث ... وفي هذا العمل نجد الجرعة التاريخية محددة بأزمنة وأماكن وشخوص تلعب الدور الرئيسى تفتقر إلى ضفيرة درامية وقصصية تجمع الخيوط المتناثرة وتبنى بناءً دراميًا وحبكة فنية .

إن الشخصيات تقدم تاريخياً وليس نفسياً وإنسانياً فإذا الجميع يتابع العمل ويحدد صحة الوقائع ومطابقة الشخصيات الدرامية للشخصيات التاريخية، وهذا هو منبع الاختلاف بين الدراما والتاريخ، وهذا أيضاً سبب الجدل الدائر بين المتابعين سواء من الناصرين الذين صدموا فيما قدمه العمل من أن عبدالناصر أحد أعضاء الجماعة أو من القطبيين أنصار سيد قطب الذى قدم بصورة ملهم الثورة ومحرك الضباط الأحرار ومعلمهم وفيلسوف المرحلة، أو هؤلاء الذين يقفون على الحياد من التيارين الناصرى والتيار الإسلامى السياسى فإذا بنا نجد شخصية زينب الغزالى فى علاقة غريبة مع حسن البنا، وقسم أعزب يثير التساؤلات، ودور غير واضح فى تحريك مسار الأحداث، كما أن شخصية المستشار حسن الهضيبى وأهل بيته هى الأخرى شخصية غير واضحة المعالم لأنها تظهر فى مرحلة عمرية متأخرة ولا نجد من مواقفها سوى حوارات مع الشخوص السياسية وأفراد الجماعة، لكن الجانب البشرى الإنسانى لا وجود له مثل شخصية الملك فاروق التى ظهرت مرة أخرى فى ذات الإطار السابق بصورة اللاهى المنفلت الذى هو العدو الأول للإخوان قبل الإنجليز... ما يثير الكثير من التحفظات التاريخية والسياسية...

و تقديم شخصية سيد قطب من قبل الممثل أحمد فهيم كان صادماً لأن المخرج اهتم بالمظهر والشكل الخارجى أكثر من ابعاد الشخصية وهذا ينطبق على جميع الشخوص وظهرت صور الضباط الأحرار باهتة خافتة وكأنها تلعب دور الكومبارس فى الصورة السياسية الكبيرة التى غيرت خريطة الشرق الأوسط كلها وصورة الاستعمار بعد ثورة 23 يوليو والوحدة العربية والقوميثة وكل تلك المفاهيم التى وحدت الأمة العربية..