أحمد فايق يكتب: خسائر الإعلام الخاص من مسلسلات وبرامج رمضان مليار و٥٧٠ مليون جنيه

مقالات الرأي



الفضائيات اشترت ٣٣ مسلسلا و٦ برامج بـ٢ مليار و٥٠ مليونا والعائد الإعلانى ٨٠٠ مليون فقط 


فى تقرير للمخابرات البريطانية عن هرم السيطرة فى العالم....

ثبت أن هناك ٧ قوى تسيطر على قرارات الشعوب وترسم مستقبل أطفالنا....

فى قمة الهرم البنك الدولى الذى يضع السياسات المالية العامة ويحدد السياسة النقدية للدول والمحامى الأول عن رجال الأعمال فى العالم، ويتدخل فى توزيع أموال الموازنات العامة للدول، ومنها قرارات رفع الدعم فى الدول النامية.

القوة الثانية هى البنوك المركزية فى العالم، فلكل دولة بنك مركزى يتحكم فى سعر العملة المحلية، والمسئول عن رسم السياسة النقدية المحلية، وتوفير عملة صعبة للاستيراد، وحجم القروض وسعر الفائدة، ومراقبة البنوك الوطنية والخاصة. 

القوة الثالثة فى الترتيب هى البنوك الكبيرة التى أصبحت شبكة من العلاقات الاقتصادية المعقدة، ومتواجدة فى معظم بلاد العالم، لا تتحكم فيها دول بعينها أو منظمات، بل تخضع لمصالح مجموعة من رجال الاعمال والاقتصاديين الكبار، مصالح لها علاقة بالمكسب والخسارة ولا تخضع لأى معايير إنسانية أو حتى أخلاقية. 

القوة الرابعة الأكثر تأثيرا هى الإعلام والشركات الكبرى، أما القوة الخامسة طبقا للترتيب فهى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والأحلاف العسكرية مثل الناتو والوكالات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها.

القوة السادسة هى الحكومات الوطنية التى تنفذ السياسات الاقتصادية التى وضعها البنك الدولى والبنوك المركزية وترضخ لمصالح البنوك الكبري، وتلتزم بقرارات المنظمات الدولية واتفاقياتها.

فالمنظمات الدولية أيضا ترضخ لضغوط البنك الدولى والبنوك المركزية التى تتحكم فى سياسات الدول.

فى قاعدة مثلث القوى تأتى الشعوب المغلوب على أمرها والتى تنفذ رغبات القوى السادسة الأخرى.

الاعلام هو القوة الرابعة فى هذا المثلث المرعب، ففى الفيلم الفرنسى «لا كونكيت» أو الخديعة نرى كيف صنع الإعلام فى فرنسا من الرئيس الفرنسى السابق  ساركوزى رئيس جمهورية، رغم أنه لم يكن يستحق سوى لقب أحمق، فى فيلم الرأسمالية قصة حب للمخرج الأمريكى العظيم مايكل موور نرى فى مشهد البداية لقطات لبيوت عشوائية وعشش صفيح فى أمريكا، ونسمع تعليقا صوتيا من مايكل موور يقول فيه: «لقد تعودت دائما فى الأفلام الأمريكية والإعلام أن ترى أمريكا عبارة عن ناطحات سحاب فخمة يتم تصويرها من طائرات هليكوبتر.. الواقع يختلف هذه ليست أمريكا التى نعرفها» وبدأت أحداث الفيلم تتحدث عن أزمة الرهن العقارى فى أمريكا.

فى فيلم «جنوب الحدود» للمخرج أوليفر ستون نرى الجانب الآخر من حكام أمريكا الجنوبية، وكيف نجح الإعلام الأمريكى فى تحويلهم إلى شياطين، لقد حاولت المخابرات الأمريكية بمساعدة الإعلام شيطنة الزعيم الفنزويلى هوجو شافيز وفشلت كل محاولات الإطاحة به من على كرسى الحكم، لقد أبرز الفيلم زعماء ومناضلين حقيقيين فى فنزويلا والأرجنتين وكوبا وأورجواى يحاربون المخابرات والإعلام الأمريكى من أجل مصلحة شعوبهم.

وفى الفيلم الصربى «مارادونا» نرى تحفة للمخرج الكبير أمير كوستاريتشا تكشف كيف تم تشويه صورة أسطورة كرة القدم الأرجنتينية مارادونا، لقد تعرض للشيطنة من الإعلام الأمريكى لأنه أصبح رمزا من رموز اليسار فى العالم ويدعم حكام أمريكا الجنوبية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، رفض أن يقابل الرئيس الامريكى، ووقف أمام عنجهية بريطانيا حينما وضع هدفا شهيرا بيده فى إنجلترا ولما سألوه قال: «أيدى أم يد الله؟» لقد كان يلمح للمجازر التى وقعت فيها وهى تحتل جزر الفوكلاند.

لقد نجح برلسكونى أن يصبح رئيسا لوزراء إيطاليا من خلال إمبراطوريته الإعلامية، فقد تحكم فى إيطاليا من خلال إمبراطوريته الإعلامية والاقتصادية.

فى هذه المساحة ومنذ سنوات لم أتوقف إسبوعا دون التحذير من انهيار السينما، السينما المصرية وضياع الصناعة، وللأسف الشديد لم يستجب أحد، أغلقت الشركات الكبرى، وتوقفت الأخرى عن بناء وتطوير دور العرض، الانهيار فى السينما المصرية بدأ برفع أسعار المحتوى من أجور النجوم وحتى تكلفة الأفلام، مع قلة الموارد، لقد كان يعتمد الفيلم المصرى على نسبة ٣٠ فى المائة من شباك التذاكر داخل مصر والباقى من بيع الفضائيات والتوزيع العربى، حينما انخفضت نسبة الإيراد من شباك التذاكر الداخلى بسبب ارتفاع أسعار الأفلام انهارت صناعة السينما، وبعدما كانت تنتج مصر ٦٠ فيلما فى العام بعد صعيدى فى الجامعة الأمريكية الآن لا تتجاوز ٣٠ فيلما، كانت تكلفة الفيلم الكبير تصل إلى ١٥ مليون جنيه ومع ارتفاع أسعار النجوم والمحتوى وصلت إلى ٧٠ مليونا فى بعض الأفلام، حينما انهارت صناعة السينما جلس الكثير من النجوم فى بيوتهم، ولجأوا إلى الدراما، ورفعوا أسعار المسلسلات بشكل مبالغ فيه، الآن توجد مسلسلات اشترتها الفضائيات بـ١٠٠ مليون جنيه، وليس لأن التكلفة الإنتاجية للعمل كبيرة، بل لارتفاع أجور النجوم والتى تأكل وحدها أكثر من نصف ميزانية المسلسل.

رمضان ٢٠١٧ سيكون نقطة فارقة فى تاريخ الإعلام المصرى، من حيث اقتصاديات الإعلام، لقد بلغت تكلفة شراء ٣٣ مسلسلا و٦ برامج ٢ مليار و٥٠ مليون جنيه، كان لقنوات إم بى سى مصر النصيب الأكبر فيها فقد اشترت محتوى يتجاوز ثمنه ٥٠٠ مليون جنيه، تلاها قنوات أون تى فى واشترت محتوى بحوالى ٤٨٠ مليون جنيه، ثم قنوات دى إم سى التى دفعت تقريبا ٤٥٠ مليونا فى شراء المحتوى، ثم قنوات سى بى سى ووصل سعر المحتوى فيها إلى ٣٠٠ مليون جنيه تقريبا ثم قنوات النهار ودفعت ١٥٠ مليون جنيه تقريبا ثم قنوات الحياة واشترت مسلسلات وبرامج بـ٨٠  مليونا 

جميع هذه القنوات خرجت خاسرة، ولا يوجد استثناء، لم تربح أى فضائية جنيها واحدا هذا العام، قنوات مثل اون تى فى ودى إم سى كان الهدف الأساسى من الصرف الكبير على المحتوى هو التواجد بنِسَب مشاهدة عالية لأول مرة كقنوات جديدة تنطلق فى هذا المجال ولكن التكلفة كانت ضخمة جدا لتحقيق هذا الانطلاق فى المشاهدة، فقد اختارت القنوات الجديدة أن يكون كل المحتوى الجديد عليها حصريا وليس موزعا بين الفضائيات، قنوات مثل النهار والسى بى سى لها مكان وتاريخ كبير مع المشاهدين فى رمضان ولهذا فضلوا التواجد ببعض المسلسلات حصرى مثل ريح المدام ولا لا ند وأخرى موزع عرضها بين الفضائيات مثل كلبش وظل الرئيس. 

حتى الآن لا يوجد رقم دقيق للعائد الإعلانى فى رمضان، لكن يوجد أرقام تقريبية توضح لك نسبة كل قناة وخسائرها، إجمالى العائد الإعلانى المتوقع فى رمضان لا يزيد على ٨٠٠ مليون جنيه، تحصل الوكالات الإعلانية منها على ٤٠ فى المائة تقريبا، قنوات إم بى سى مصر حصلت على نسبة ٢٧ فى المائة من الإعلانات بما قيمته ٢١٦ مليون جنيه، أما شبكة قنوات سى بى سى فحصلت على نسبة ٢٠ فى المائة من إعلانات رمضان أى ١٦٠ مليون جنيه تقريبا، وهذا يعنى أن الخسائر لا تقل عن ١٤٠ مليون جنيه، وحققت قنوات دى ام سى ١٧ فى المائة من العائد الإعلانى الرمضانى وهو ١٤٠ مليون جنيه تقريبا أى أن خسائر دى إم سى وصلت إلى ٣٠٠ مليون، ثم قنوات النهار وحققت ١٢ فى المائة من العائد الإعلانى وبلغ ١٠٠ مليون جنيه أى أن الخسائر تصل إلى ٥٠ مليونا، أما قنوات أون فحققت نسبة ١٦ فى المائة من العائد الإعلانى بـ١٢٦ مليون جنيه لتصبح القناة الاعلى خسارة فى العائد  ولا تقل عن ٣٢٥ مليون جنيه. وحققت قنوات الحياة ٣٢ مليون جنيه وخسائرها وصلت إلى ٤٨ مليونا، لتصبح شبكة الحياة هى الأقل خسارة بين القنوات. 

الآن الفضائيات تتصارع على أسعار الإعلانات وتخفض على بعضها البعض الأسعار، فى موجة أقرب إلى الحرق، وتم بالفعل تخفيض أسعار إعلانات رمضان فى الفضائيات. 

هذا الوضع لن يستمر لعام ٢٠١٨ لأنه لن تتحمل الفضائيات هذه الخسائر المبالغ فيها، قناة مثل إم بى سى مصر قد لا يكون الهدف الأساسى منها المكسب أو الخسارة لكن يهمهم التواجد وتصدر مشهد المشاهدة، لكن القنوات الخاصة المصرية لن تستمر فى هذا النزيف، لأنها قنوات تقوم على المكسب والخسارة. 

المطروح الآن فى كواليس صناعة القرار فى الفضائيات المصرية هو تخفيض سعر المحتوى إلى التصفح تقريبا فى ٢٠١٨ لأن البديل لن يتحمله أحد. 

لم تشمل الأرقام التى تحدث عنها التليفزيون المصرى والذى يخسر كل شهر ٢٢٠ مليون جنيه رواتب العاملين دون حتى ميزانية الإنتاج، هذا المبنى العريق يكلف مصر فى العام ٢ مليار و٦٤٠ مليون جنيه والعائد الإعلانى له فى رمضان مثلا ٥ ملايين فقط، ومن المعروف أن رمضان هو اعلى عائد إعلانى فى العام كله، ولو أخدنا عائد رمضان مقياسا فهذا يعنى أن العائد الإعلانى لماسبيرو لا يتجاوز ١٠٠ مليون جنيه، وخسائره من رواتب العاملين فقط ٢ مليار و500 مليون جنيه.