هشام صادق.. الرجل الذى أنصف المرأة وعدل قانون القضاء العسكرى وفضح الدولة الدينية وساند الوحدة الوطنية

العدد الأسبوعي

الدكتور هشام صادق
الدكتور هشام صادق


هل ارتفع موج البحر فى الإسكندرية حزنا عليه؟!


من شدة الصدمة سعيت للتأكد من الخبر خمس مرات فلم أكن أريد أن أصدق أن الدكتور هشام صادق لم يعد على قيد الحياة.

فكثير من مقالاتى كنت أستشيره قانونيا فيها بخبرته الكبيرة التى أوصلته إلى عمادة حقوق الإسكندرية ورئاسة جامعة بيروت العربية.

لكن.. الأهم مناقشاتنا السياسية والفكرية التى نتفق فيها على خديعة الدولة الدينية وضرورة عدم المساس بالوحدة الوطنية ومساواة المرأة بالرجل وخطورة العبث بالقانون ومقاومة سرطان المحاباة والإيمان بالمصير العربى المشترك.

وترجم الدكتور هشام صادق تلك المبادئ إلى تنظيمات رأسها أو شارك فيها خاصة فى الإسكندرية التى عاش فيها واشتهر بين أهله حتى أصبح رمزا لها وعلامة تدل عليها.

وينسب للدكتور هشام صادق أنه شارك فى الدفاع عن الدكتور نصر حامد أبوزيد بعد أن طالب حزب التكفير بتفريقه عن زوجته إبتهال يونس بدعوى أنه خرج عن الملة بمؤلفاته التى اجتهد فيها بتفسير النصوص الدينية.

وكتب هشام صادق سلسلة مقالات يدعو فيها إلى منح أبناء المرأة المصرية المتزوجة من أجنبى حق الجنسية أسوة بالرجل المصرى المتزوج من أجنبية ونجحت الحملة بإقرار قانون يحقق لها المساواة.

أكثر من ذلك كان أول من ناقش جمال عبد الناصر فى تعديلات قانون القضاء العسكرى لمنح ضمانات أكبر للمتهمين الواقفين أمامه وبعد أن استمر النقاش ساعات طويلة طلب منه عبد الناصر كتابة مذكرة وعرضها عليه بما يراه مناسبا.

وكانت المذكرة جاهزة فقدمها إليه فأخذها عبد الناصر منه قائلا: « طب مش تستنى لما نتغدى « وكان عبد الناصر قد دعاه لتناول الطعام فى بيته بصفته شقيق حاتم صادق زوج ابنته هدى.

وما أن فارقت منى زوجة هشام صادق الحياة قبل نحو العام حتى شعر بالوحدة التى انقلبت إلى اكتئاب وسرعان ما أثر الاكتئاب على قدراته الذهنية المتعددة فضاعف ذلك من شعوره بالعزلة.

وزاد من سوء الحالة أنه لم يعد يشعر بالراحة فى بيته بالحى الهادئ (كفر عبده) بعد أن ازدحم بالمقاهى وسد بالسيارات وتلوث بالمخدرات وفى الوقت نفسه عجز وهو رجل قانون تخرج كثيرون من ضباط الشرطة على يديه أن يجد من ينقذه ما وجد نفسه فيه.

وخلال الثلاثة شهور الماضية قاطع هشام صادق العالم ولم يعد يرد على تليفوناتنا جميعا حتى أننى اتصلت بشقيقه حاتم للاطمئنان عليه ولكن لا شىء تغير فقد كان الرجل الذى ملأ الدنيا فهما وأملا قد قرر أن يقاطعها حتى يفترق عنها.

وقبل أن يدخل غرفة عمليات القلب لعمل أسطرة بساعات نفذ وعده للدنيا وفارقها مساء الاثنين الماضى لكن ما لم يقدر عليه هو أن ترحل معه أعماله وسيرته فهما ليس ملكا له وإنما ملك للأمة بأسرها تعيش وتتطور وتخلده بها.