عادل حمودة يكتب: مصير أمير قطر

مقالات الرأي



الصلاة فى جزيرة الشيطان.. ملفات سياسية شخصية جدًا (1)

■ تحدث السيسى فى قمة الرياض فوضعت الجزيرة تحت صورته كلمات من ترامب وعندما شعرت بأنه يتهم قطر بالإرهاب شنت هجوما سابق التجهيز عليه

■ تفسيرات خطاب الرئيس: تركيا المقصودة بتجارة البترول مع داعش وبريطانيا المقصودة بتجارة الآثار معها وقطر المقصودة بتوفير الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية

■ ماذا يحدث لتميم حال عدم التزامه بشروط الصلح؟

1- خروج آمن من السلطة وتسليمها إلى أولاد عمه
2- محاكمة دولية جنائية بتهمة مساندة الإرهاب بملفات مصرية وليبية وخليجية
3- انحياز إلى إيران ينتهى بقتله على طريقة صدام والقذافى


تعودت القنوات الإخبارية أن تكتب جملا مما يقوله المتحدث على شاشتها أو الذى تنقل خطابا يلقيه.. لكن.. «الجزيرة» أصيبت بـ«الحول» المفاجئ وهى تنقل مجبرة فى بث مباشرــ خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الجلسة المعلنة للقمة الأمريكية الإسلامية التى عقدت فى الرياض يوم 21 مايو 2017.. فقد رأينا صورة الرئيس وسمعنا صوته.. لكن.. الجمل التى وضعتها «الجزيرة» وهو يتحدث كانت مقتبسة من الخطاب الذى ألقاه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.

لم تكن سقطة مهنية وإنما كانت اضطرابا سياسيا ونفسيا عكس شعور أمير قطر بضعف الاهتمام به لتصوره أن بلاده الصغيرة دولة عظمى لم تنل من الضوء ما يناسب حجمها الذى فى خياله.. فقرر مثل طفل مدلل أن يكسر اللعبة التى يلهو بها ويفجر البالونات التى يحملها.

كانت غالبية سهام المتحدثين تتجه إلى إيران.. تلقى باتهامات صريحة نحوها بدعم وتمويل وتسليح وتدريب تنظيمات متطرفة مسلحة تتسلل لتسير فوق الجلد أو تتسلل تحته لتوسيع نفوذها فى دول عربية أخرى بعد وجودها فى العراق ولبنان وسوريا واليمن.. وإن بقى حلمها الكبير منطقة الخليج لتعيده إلى الحضن الفارسى بعدما انتمى إلى محيطه العربى.. لكن.. كلمة الرئيس أمام المؤتمر وسعت من مساحة الرؤية مطالبة بشمولية المواجهة.. فنحن أمام كارثة عالمية تتجاوز حدود المشكلة الإقليمية.

تساءل الرئيس عن الدول التى تشترى البترول من التنظيمات الإرهابية (لم يقل تركيا).. وتساءل عن الدول التى تشترى الآثار المنهوبة من العراق وسوريا (لم يقل بريطانيا).. وتساءل عن الدول التى تقدم التبرعات المالية والتغطية السياسية والإعلامية (لم يقل قطر).

والخلاصة : لا مفر من مواجهة كل التنظيمات ومحاسبة كل المساندين لها بالمال والسلاح والعلاج والكلمة والصورة.

كنت قد كشفت خلال تغطيتى الصحفية لزيارة الرئيس إلى الولايات المتحدة فى الأسبوع الأخير من مايو 2017 ما جرى بين السيسى وترامب حين تحدث السيسى عن ثلاث دول راعية للإرهاب فى المنطقة.. وبعد إلحاح من ترامب للكشف عن أسمائها ذكر السيسى تركيا وقطر وإيران.. وبعفوية متوقعة أو متعمدة من ترامب قال: إنه سيخرج للعالم ويعلن أسماء تلك الدول لولا تدخل مساعديه الذين طلبوا منه التريث حتى يتولوا بالطرق الدبوماسية والوصلات الاستخبارية إقناعها بالعودة إلى الرشد والصواب، فإذا لم تستجب تصرفوا معها بما يناسب المصلحة القومية.

ولنا أن نتخيل أمير قطر وهو يجلس على بعد عدة أمتار فى مركز «الملك عبدالعزيز للمؤتمرات» ويسمع بنفسه اتهاما غير مباشر بالإرهاب جعله يتحسس رأسه.. وفى الوقت نفسه أصيبت «الجزيرة» بحالة من الشلل وهى تنقل بالأقمار الصناعية إلى العالم هذا الاتهام دون أن تجرؤ على قطع البث عن خطاب الرئيس.

كنت هناك فى المؤتمر الذى يصعب على الصحفى المتابع للتغيرات الحادة فى المنطقة تجاهله.. ولاحظت اضطراب أمير قطر حين أمسك بقلم وراح «يشخبط» بعصبية على أوراق أمامه.. وتوقعت أن تشتعل حرب باردة جديدة بين قطر ومصر.. ونشرت توقعى فى التقرير الذى كتبته من الرياض ونشر فى «الفجر».. ولم تمر خمس دقائق على انتهاء خطاب الرئيس حتى تحقق ما توقعت.

أخرجت «الجزيرة» مجموعة فيديوهات سابقة التجهيز بثتها ضد الرئيس فى محاولة للنيل منه والتقليل من أهمية ما عرضه على القمة وصرف الانتباه عنه.

لكن.. الصغار عندما يلهون لا يعرفون للعبث حدودا.. وهكذا.. وسعت قطر من ميادين حربها لتشمل السعودية والإمارات والبحرين.. وتحدث أميرها بجرأة فى حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندى الخدمة الوطنية مؤكدا متانة العلاقات مع إيران ليخرج بما قال عن التوافق الخليجى وطالب الآخرين بمراجعة موقفهم.. لكن.. ما ان فتحت عليه النيران فى السعودية والإمارات والبحرين ومصر حتى تراجع مدعيا أن تصريحاته دست إلى وكالة الأنباء المحلية بعد اختراقها بهاكرز.

ولم يكن ذلك الإنكار مفاجأة فقد سبق أن وعد تميم بن حمد الملك سلمان بن عبدالعزيز بأن يتصرف بحكمة وكياسة ولكنه كان «يلحس» وعوده للعاهل السعودى بمجرد أن يعطيه ظهره.. ليكرر نفس ما فعل مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذى نسب إليه اتهامه بأنه «كاذب ابن كاذب».

وتكرر الشىء نفسه مع وزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن الذى أعلن فى اليوم التالى انسحاب سفراء بلاده من القاهرة والرياض وأبوظبى لكنه عاد وأنكر ما صرح، ناسبا ما حدث للهاكرز أيضا فى حالة من تراجع تثبت عجز الصغير أو الضعيف عن الصمود فى وجه العاصفة.

إن وضع الفأر قناع أسد على وجهه لا يكفى أن يكون ملكا للغابة.

والحقيقة أن قطر كانت كثيرة التردد بين وضع قناع الأسد أو الظهور برأس الفأر.. تضع القناعة عندما تكون الغابة هادئة.. وتخلعه عند أول زئير تسمعه.. فالمشكلة لم تكن فيه وإنما فى الغابة التى طال سكوتها وصبرها على ما يفعل الفأر.

أو لنقل إن قطر انتقلت بفعل الثروة الهائلة التى منحتها لها الطبيعة من حالة دكتور جيكل الطيب إلى حالة مستر هايد الشرير.

أو لنفسر ما تفعل قطر بنظرية سيجموند فرويد رائد التحليل النفسى عن حرص الصغير على استعمال أشياء كبيرة نوعا من التعويض الشكلى.. سيارة فارهة.. سيجار طويل.. أو السكن فى طابق مرتفع.

أو لنقل إنها اعتبرت إسرائيل نموذجا تحتذى به.. إن إسرائيل فى التصور القطرى دولة صغيرة مثلها.. لكنها استطاعت أن تتفوق على دولة عربية أكبر منها مساحة وأكثر عددا.. فلم لا تكون قطر مثلها؟ فلو لم تكن كبيرة فالتشترى لها كبير.. ولو لم تكن قوية فلتشترى لها قوة.. وهكذا.. جهزت ومولت واستضافت أكبر وأقوى قواعد عسكرية أمريكية على أرضها.

أو لنقل إنها دولة مصابة بالفصام والشيزوفرانيا- حسب تفسير تشخيص جون هانا فهى «تستضيف القواعد الأمريكية الأكثر قوة فى الشرق الأوسط من جهة وتعد الداعم السياسى والمالى والإعلامى واللوجستى الرئيسى لكثير من التنظيمات الإرهابية والأكثر تشددا فى المنطقة».

وجون هانا كان مساعدا لوزير الخارجية الأمريكى وارن كريستوفر فى عهد الرئيس جيمى كارتر وكشف فى مقال نشره فى مجلة «فورن بوليسى» أن العلاقات الحميمة بين قطر والولايات المتحدة لم تمنع قطر من إخفاء أحد رموز الإرهاب.. هو الباكستانى خالد الشيخ المتهم بتدبير خطف طائرة مدنية شاركت فى هجمات سبتمبر.. ورفضت تسليمه للمباحث الفيدرالية رغم المكاتبات الرسمية التى خرجت من واشنطن إلى الدوحة.. بل إن قطر عندما علمت بأنه مطلوب سربت إليه الخبر وسهلت له الاختفاء.

وفى عام 2004 انتقل جون هانا للعمل فى فريق الأمن القومى لديك تشينى نائب الرئيس جورج بوش وهنا يسجل أن الطائرات الأمريكية كانت تقلع من قطر لضرب العراق وفى الوقت نفسه كانت الجزيرة تبكى على أطلال نظام صدام حسين.

ويذكرنا جون هانا بأن الجزيرة كانت المنصة الإعلامية المفضلة (والوحيدة) التى اختارها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لبث كلماته وتهديداته إلى العالم كله.

ونقلا عن محللين ومراقبين فى وكالة المخابرات المركزية يضيف: «إن كاميرات الجزيرة كانت جاهزة للتصوير فى مواقع تعرضت فيها القوات الأمريكية فى العراق إلى هجمات مضادة ما يعنى أنها استخدمت ما لديها من معلومات سرية بحكم وجود القيادات العسكرية الأمريكية على أرضها وأبلغتها إلى الطرف الآخر».

فى ذلك الوقت اعتبرت الولايات المتحدة موقف الجزيرة مؤذيا للجيش الأمريكى حتى إن نائب الرئيس ديك تشينى ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد عقدا اجتماعا مع وزير الخارجية القطرى وقتها حمد بن جاسم وأبلغاه رسالة واضحة مفادها أن الجزيرة تتسبب فى مقتل أمريكيين فى العراق فإما أن تكبح قطر جماحها وإما ستضطر الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم علاقتها بقطر.

«وسارعت قطر إلى الإعلان عن الحاجة إلى مهنية أكثر فى القناة وبعد وقت قصير أضافت مع كثير من الضجة أنها تتبنى مدونة أخلاق جديدة ولكن الأمر لم يستمر طويلا».

ويعمل هانا الآن مستشارا فى معهد «الدفاع عن الديمقراطية» وبخبرته العريضة والعميقة بالشرق الأوسط كتب وهو مطمئن: «أن لا قوة خارجية تتحمل مسئولية المساهمة فى تحويل الربيع العربى إلى ربيع إسلامى أكثر من قطر».

فور قيام ثورة يناير فى مصر سمعت من محمد حسنين هيكل أن أمير قطر وقتها حمد بن خليفة أبلغه هاتفيا أن حكومته مولت تظاهرات فى التحرير.. وعندما سأله هيكل عن السبب أجاب: «إننى أدعم الديمقراطية».. ولم يعلق هيكل.. فقد كان من جانبه حريصا على سقوط نظام مبارك حتى لو تحالف مع الإخوان الذين اعتبرهم القوة الوحيدة القادرة على الإطاحة بالنظام.. وقد اجتمع برموز منهم محذرا من ترك الميادين وإلا علقهم نظام مبارك على أعمدة الكهرباء.

وأبادر بالقول إننى نشرت ذلك مع حكايات أخرى عن هيكل وقطر والإخوان وهو على قيد الحياة فى كتاب صدر قبل رحيله بعامين تحت عنوان «خريف هيكل» حتى لا يتهمنى أحد بأننى تكلمت بعد أن أصبح الرجل فى ذمة الله.

والحقيقة أن تلك الحكايات كانت سببا مباشرا للاختلاف مع هيكل بعد سنوات طويلة من الصداقة فعندما ينحاز «الأستاذ» إلى جماعة إرهابية ويدعمها ويلتقى رئيسها فى الاتحادية قبل أن يبرد دم الشباب الذى سقط أمام بواباتها مطالبا برفض الإعلان الدستورى المانح لمحمد مرسى سلطات مطلقة فإن السكوت عنه نوع من الدروشة لا يقبلها عقل متفتح يؤمن بأن سيادة الوطن فوق ما تبقى من اعتبارات شخصية.

وسمعت من اللواء محمود وجدى وزير الداخلية فى حكومة أحمد شفيق التى شكلت فى أعقاب تظاهرت يناير: إن قطر ستهرب إلى مصر خمسمائة مليون دولار لتمويل عملية إسقاط النظام وعندما أبلغ مبارك بما عرف طلب منه الرصد والمتابعة لكن فى الظروف الأمنية الصعبة التى سادت البلاد لم تعرف الداخلية بتهريب المال إلا بعد دخوله من منفذ مطار برج العرب.

أكثر من ذلك نشرت التقارير الرسمية التى رصدت ما جرى فى مصر منذ خروج التظاهرات فى يناير إلى تنحى مبارك فى فبراير التالى، ووجهت الشكر لعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة التى قدمها لنا عبر محام وصديق مشترك.

ومن تلك الوثائق مكالمات هاتفية شارك فيها فهمى هويدى تدعو الشيخ يوسف القرضاوى للعودة إلى مصر بعد سنوات الهجرة الطويلة فى قطر وإلقاء خطبة الجمعة فى ميدان التحرير.. وكانت الاقتراحات المسجلة أن يأتى هو وعائلته على رحلة طيران عادية من الدوحة حتى تبدو زيارته زيارة عادية وليست زيارة مدبرة ومخططة.. وبالفعل خطب القرضاوى فى الميدان بعد صلاة جمعة يوم 18 فبراير.. ليذكر العالم بعودة آية الله الخمينى إلى طهران بعد نجاح ثورته.

ويؤكد جون هانا بعد مرور نحو سبع سنوات على هذه الواقعة أن قطر «مولت الحكومة (الإخوانية) الكارثية برئاسة محمد مرسى فى مصر لزعزعة شرعية نظام السيسى وزعزعة استقراره بوضعها الجزيرة فى خدمة رموز الجماعة كما استضافت قطر معظم الزعماء المنفيين للتنظيم فى الدوحة».

وحسب تقرير لقيادة أركان القوات المسلحة الأمريكية رفعته إلى الرئيس أوباما فى نهاية يناير 2014 فإن إسرائيل وقطر ساهمتا فى تدمير وتفتيت دول كثيرة فى المنطقة العربية مما هدد المصالح الأمريكية فيها.

أصرت إسرائيل على تسريح الجيش العراقى فعمت الفوضى البلاد وعانت واشنطن هناك وفى النهاية سيطرت إيران وخرج من الجحور تنظيم الدولة (داعش) يكفر ويفجر ويذبح وينهب.

ومن جانبها فعلت قطر المستحيل لإسقاط نظام القذافى فى ليبيا لتترك الفرصة كاملة للتنظيمات الإرهابية كى تسيطر عليها وتهدد مصر وتنتشر فى شمال إفريقيا.

وقد التقت رغبة إسرائيل فى تدمير سوريا برغبة قطر فى تمرير خط غاز يمر بالأراضى السورية ليصل إلى البحر المتوسط لتسهل نقله إلى أوروبا، شاركت فى دعم التنظيمات الإسلامية المعارضة لنظام بشار الأسد ليتنسى لها تنفيذه بمباركة تلك التنظيمات مكافأة لقطر على الدعم والتمويل والمساندة.

ولو كان الغباء هو أن يكرر الشخص الشيء نفسه مرتين ويتوقع نتيجة مختلفة فإن هذا التعريف نفسه ينطبق على قطر التى كررت مع دونالد ترامب السياسة نفسها التى مارستها مع باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون ونجحت.

لقد تغيرت السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتولتها إدارة يسيطر عليها جنرالات سبق أن خدموا فى المنطقة مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومى هربرت ماكمستر ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، ويعنى ذلك عودة واشنطن للاهتمام بالمنطقة بعد أن نقل أوباما الاهتمام إلى الشرق الأقصى ويعنى أيضا أن التحالفات السابقة فقدت صلاحيتها.

ويلتقى هؤلاء الجنرالات على كراهية الإسلام السياسى ويصرون على تصفية الإرهاب ومحاسبة الدول التى تسانده، لكن قطر تصورت أن ذلك نوع من الثرثرة سبق أن سمعتها، وأنها بحكم القواعد الأمريكية على أرضها ستظل على حجر واشنطن وتناطح الدول الأخرى فى المنطقة فى قيادة التحالف الذى أعلن فى الرياض للحرب على الإرهاب، وإلا فإنها ستنتقل إلى ميدان الأعداء، وهو ما يفسر اتصال تميم بن حمد بالرئيس الإيرانى المجدد انتخابه حسن روحانى فى الوقت الذى سعت فيه الكويت للتوفيق بين قطر وجاراتها فى الخليج فضربت المبادرة قبل أن تولد.

لقد حاولت قطر فرض إيران على دول الخليج ولو بالإحراج.. فعندما استضافت الدوحة قمة مجلس التعاونى الخليجى يوم 4 ديسمبر 2007، دعت لحضورها الرئيس الإيرانى وقتها أحمدى نجاد ويومها طالب بإلغاء تأشيرات الدخول بين الجانبين واقترح التشاور الجماعى قبل اتخاذ أى قرار يمس منطقة الخليج.

وأتصور أن السعودية والإمارات والبحرين تحملت التهور القطرى حفاظا على وحدة مجلس التعاون الخليجى إلا أن التهور زاد علي حده وبات يهدد الجميع فكان لابد من موقف موحد بين الدول الثلاث وبين مصر لعزل قطر عربيا.. وهكذا.. لم ينكشف فجر 5 يونيو 2017 (الموافق العاشر من رمضان) إلا وقد اتخذت الدول الأربع قرارها بمقاطعة قطر فى الجو والبر والبحر وإيقاف االتعاملات التجارية والمالية معها تماما، فيما يمكن وصفه بالمقاطعة الشاملة.

ودعم القرار دراسة أمريكية جادة فى البنتاجون بنقل القواعد العسكرية من قطر، بجانب لجنة مالية فى الكونجرس تستعد لوضع قائمة طويلة لممولى الإرهاب فى قطر وفى غيرها.

وفى تقدير لمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية فإن مصير أمير قطر لن يخرج من ثلاث احتمالات : إما أن يسعى إلى خروج آمن ويسلم السلطة لأولاد عمه الذين اعتذروا للسعودية أو تقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية بملفات تستعد لتقديمها مصر وليبيا ودول خليجية باعتباره مجرم حرب قتل مئات من الأبرياء فى عمليات إرهابية مولها ماديا أو ساندها إعلاميا أو الارتماء التام فى أحضان إيران ليقتل على طريقة صدام حسين أو معمر القذافى.

وهناك الكثير يمكن توقعه ستكشف عنه الأحداث المتصاعدة فى المنطقة ولكن لا يمكن أن نستوعب ما سيحدث دون فهم ما حدث.

والحقيقة إننى كنت مهتما بخبايا الملف القطرى منذ أن قابلت الأمير السابق حمد بن خليفة فى الكويت على هامش القمة الخليجية التى عقدت هناك فى نهاية عام 1997 واختلفت معه علنا على صفحات روزاليوسف التى كنت مسئولا عن تحريرها فى ذلك الوقت.

ومن يومها وأنا أسجل مواقف سياسية لقطر كنت طرفا فيها بصورة مباشرة أحيانا وبصورة غير مباشرة غالبا، ومن جملة تلك الخبرة الشخصية أفتح ملفاتها على طريقتى الخاصة.

أعرف أنها نالت الكثير من صحافة الدنيا كلها.. لكن.. ما سأنشره بأكبر قدر من التواضع لا يعرفه غيرى وربما لم يشهد عليه سواى.. و»الميه تكدب الغطاس».

وبعد هذه المقدمة التى طالت أفتح الصفحة الصفحة الأولى من ملفاتى السياسية والشخصية فإلى العدد القادم.