عادل حمودة يكتب من الرياض: رحلة العائلة المالكة الأمريكية إلى السعودية

مقالات الرأي



■ 50 طائرة خاصة سبقت ترامب ونقلت المديرين التنفيذيين لأكبر شركات أمريكية عادت بـ400 مليار دولار

■ الصحف الأمريكية تصف جاريد جوشنر زوج ابنة ترامب بولى العهد الأمريكى وتؤكد أنه تدخل لدى شركات السلاح لإتمام صفقة السفن والصواريخ والرادارات للسعودية بمائة مليار دولار


تحرم اليهودية العمل والسفر والطهى واستخدام الكهرباء وتشغيل المحركات وقيادة السيارات وركوب الطائرات يوم السبت الذى يبدأ مع غروب شمس يوم الجمعة.

ولتشدد جاريد كوشنر دينيا كان عليه أن يستأذن حاخام نيويورك الأكبر ليسمح له بالسفر هو وزوجته إيفانكا ترامب التى اعتنقت اليهودية عام 2003 لتقترن به ليرافقا والدها الرئيس الأمريكى فى أولى رحلاته الخارجية التى بدأت يوم سبت فى السعودية.

ومن جانبهم تسامح السعوديون أيضا فلم يتوقفوا عند مشهد ظهور ميلانيا زوجة ترامب فى استقبالات رسمية دون غطاء رأس أجبرت عليه ميشيل أوباما عندما هبطا الرياض، وإن التزمت ميلانيا بارتداء بدلة سوداء فضفاضة ولفت خصرها بحزام عريض من جلد مطلى بالذهب بعد أن غيرت على متن الطائرة الرئاسية (إير فورس وان) ملابسها الجلدية البرتقالية الضيقة التى سافرت بها من بلادها.

وحسب البروتوكول السعودى المعتاد يستقبل حاكم إمارة الرياض ضيوف الدولة الكبار ولو كانوا ملوكا ورؤساء فى المطار ثم يصطحبهم إلى قصر اليمامة، حيث ينتظر الملك هناك لتبدأ مراسم الترحيب الرسمية.

ولكن.. الملك سلمان بن عبد العزيز تقديرا للرئيس الأمريكى ذهب بنفسه إلى مطار الملك خالد ليكون فى استقباله قبل القيام بمراسم الاستقبال الرسمية فى قصر اليمامة.

ولم يكن التقدير السعودى لـترامب نوعا من الكرم العربى الشهير وإنما سببه اختياره السعودية لتكون أول دولة أجنبية يزورها بعد تنصيبه رئيسا بخلاف ما اعتاد عليه سابقوه بأن تكون زيارتهم الخارجية الأولى لدولة قريبة من الولايات المتحدة مثل كندا أو المكسيك أو دولة أوروبية صديقة مثل بريطانيا أو بلجيكا.

بل.. أكثر من ذلك وافق ترامب على كل ما طلبه السعوديون منه.. عقد ثلاث قمم أمريكية فى الرياض لتمتد زيارته الرئاسية إلى يومين وليست مجرد ساعات كما جرت العادة.. القمة الأولى مع السعودية والقمة الثانية مع دول الخليج والقمة الثالثة مع دول عربية وإسلامية فى سابقة لم تحدث من قبل جعلت العاصمة السعودية محط أنظار الدنيا.

كما وافق ترامب على برنامج صعب ضم بجانب المباحثات واللقاءات زيارة مركز التراث الشعبى وافتتاح منتدى للتفكير الاستراتيجى وتفقد مركزا لمتابعة الإرهاب وهو ما لم يمنحه سوى ساعات نوم قليلة وإن عوضه الاستقبال الحار بكثير من الحيوية.

وحسب رينس بريبس كبير موظفى البيت الأبيض لم ينم ترامب سوى ثلاث ساعات طوال الرحلة التى استغرقت 14 ساعة فقد كان شديد القلق على اختيار كلمات الخطاب الذى يلقيه على القمة العربية الإسلامية التى يشارك فيها 55 ملكا ورئيسًا ينتظرون منه تجنب استخدام تعبير الإرهاب الإسلامى المتطرف الذى سبق أن أطلقه خلال حملته الانتخابية وأمام الكونجرس بعد تنصيبه.

ومن سخرية السياسة أن كاتب الخطاب ستيفن ميلر مستشار ترامب وكاتم أسراره سبق أن حرض رئيسه على اتخاذ قرار حظر سفر 7 دول إسلامية (إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال) إلى الولايات المتحدة.

وميلر (31 سنة) من القلائل الذين يسيطرون على أذن ترامب شديد التعصب ضد المسلمين ويؤمن بأنهم هاجروا إلى بلاده لقتل مواطنيه بلا استثناء وبدأ تعبيره عن ذلك مبكرا فى مقال نشره وهو طالب فى المدرسة الثانوية.

ولكن.. المصالح التى تساهلت مع خطيئة انتهاك حرمة السفر يوم السبت لم يكن من الصعب معها أن تتراجع عن الكلمات والاتهامات الحادة التى أطلقت على المسلمين لتخرج بدلا منها فى خطاب ترامب أمام القمة العربية الإسلامية عبارات إشادة بالسعودية مهبط الوحى والراعية للحرمين الشريفين.. محددا الهدف المشترك أن ننجح فى اختبار التاريخ فى القضاء على التطرف ومشيرا إلى أن 95% من ضحايا الإرهاب مسلمون لينتهى إلى أن المعركة مع الإرهاب ليست معركة أديان ضد أديان وإنما معركة الخير ضد الشر.

إن حجم المصالح هذه المرة غير مسبوق أيضا تبدو.. لقد كانت قيمة الصفقات والاتفاقيات المتبادلة بين الرياض وواشنطن تتزايد ساعة بعد ساعة حتى وصلت إلى نحو 400 مليار دولار حسب إعلان ترامب نفسه.. ويمكن القول أن الرقم الدقيق هو 280 مليار دولار.. يزيد خلال عشر سنوات إلى 350 مليار دولار وتنفذها اتفاقيات تجارية وصناعية واستثمارية وتكنولوجية جاءت كلها بعد أن أعلن ترامب وسلمان تحالف بلديهما الاستراتيجى بقوة بدت غير مسبوقة تحت عنوان الرؤية المشتركة للبلدين.

فقد سبق وصول ترامب إلى الرياض هبوط 50 طائرة خاصة تحمل المديرين التنفيذين لأكبر الشركات الأمريكية ليشاركوا 40 من نظرائهم السعوديين فى منتدى مشترك انتهى بتوقيع أرامكو 13 اتفاقية قيمتها 50 مليار دولار معهم.

أما صفقة السلاح المقدرة بنحو 110 مليارات دولار فقد بدأ التمهيد لها خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان (ولى ولى العهد ) إلى واشنطن قبل نحو الشهرين ولعب الدور المؤثر فى الصفقة كوشنر صهر ترامب حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.. حيث قام بحضور عدد من المسئولين السعوديين بإجراء مكالمة تليفونية مع مارلين هيوستن مديرة لوكهيد مارتن (أكبر شركات السلاح الأمريكية) طالبا منها تخفيض سعر منظومات الردار المتطور التى تطارد الصواريخ الباليستية ثاد، وهى منظومات منصوص عليها فى الصفقة بين الرياض وواشنطن وتضم سفنا تزيد من السيطرة السعودية فى الخليج والبحر الأحمر فى مواجهة القوة البحرية الإيرانية بجانب صواريخ دقيقة التوجيه سبق أن حظرتها إدارة ترامب وستضم الصفقة طائرات مروحية (150 طائرة بلاك هوك) سيجرى تجميعها فى السعودية بعد الإعلان عن شركة مشتركة للصناعات العسكرية.. لكن.. الصفقة لن تتضمن طائرات مقاتلة متطورة بمستوى إف 35 المقاتلة التى تشكل مصدر إزعاج لإسرائيل.

لقد كان كوشنر جالسا على مائدة الغذاء التى دعا إليها ترامب فى البيت الأبيض على شرف الأمير محمد بن سلمان الذى يمكن القول أنه كان هو وكوشنر وراء كل ما شاهدناه فى الرياض فيما بعد من ترتيبات حتى إن إيريك بيلوفسكى المدير السابق فى مجلس الأمن القومى اعترف بأن العلاقات الأمريكية-السعودية تسترشد باثنين من ولاة العهد أحدهما سعودى والثانى أمريكى.

وبدا واضحا من وجود كوشنر وزوجته فى كل اللقاءات أنه يتابع بنفسه كيف يسير على أرض الواقع فى الرياض ما خطط له بنفسه رغم عدم وجود منصب رسمى له وهو ما يثير عواصف من الانتقادات الحادة ضد ترامب فهو يمنح لصهره من الصلاحيات ما يزيد أحيانا عما يتمتع به وزير الخارجية.

وبهذه القيمة المادية العالية للاتفاقيات التى عقدت شعر ترامب بالانتعاش ووجه الشكر الحار للسعوديين ولم يتردد فى أن يشارك فى رقصة العرضة النجدية الشعبية التى تستخدم فيها السيوف على إيقاع حاد من الطبول.

ويوم عقدت القمة السعودية الأمريكية أعيد انتخاب حسن روحانى المشهور باعتداله رئيسا للجمهورية دون ترحيب من المرشد الأعلى على خامئنى لكن رغم ذلك توافقت الرياض وواشنطن حول وضع إيران على رأس قائمة الدول الأكثر دعما للتطرف ومساندة العنف ونشر الفوضى ردا على التهديدات الإيرانية السافرة التى وصلت إلى حد إعلان وزير دفاع طهران أن السعودية بأكملها فى مرمى صواريخ بلاده لقد وصف الملك سلمان إيران برأس حربة الإرهاب وصنف ترامب حزب الله منظمة إرهابية مثلها مثل القاعدة وحماس.

ويشارك قادة الخليج السعودية والولايات المتحدة فى موقفهما من إيران إلا السلطان قابوس الذى فشل العاهل الأردنى الملك عبد الله فى إقناعه خلال زيارة أخيرة إلى مسقط بالحضور إلى الرياض فحاكم عمان يميل إلى علاقات متوازنة مع السعودية وإيران وإن لا يميل كثيرا إلى غارات التحالف على اليمن وفى الوقت نفسه لا يمانع تدخل وكالات المخابرات الأمريكية فى رصد السفن الشراعية التى تنقل السلاح إلى الحوثيين بجانب عمليات القرصنة التى تتعرض لها قوافل المساعدات الإنسانية.

ولو كان موقف قابوس صريحا فإن موقف تميم بن حمد يجسد نوعا من التقية فى علاقة قطر بإيران فهو يظهر ما لا يبطن وما يعد به يتراجع عنه وهو ما يتكرر فى كثيرًا من المواقف مما جعل السعوديين لا يثقون فيما يقول وربما وصف بما هو أسوأ.

وبعد أن أقرت القمة الخليجية الأمريكية آلية تتبع مصادر تمويل الإرهاب ستجد قطر نفسها فى اختبار صعب خاصة أنها متهمة بجانب إيران وتركيا بدعم تنظيماته بالمال والسلاح وشبكات الفضاء الإلكترونى.

وقبيل انعقاد القمة الثالثة والأخيرة التقى ترامب بعدد من الحكام العرب بينهم الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو أمر توقعه إريك تريجر الباحث الأمريكى المتخصص فى الشرق الأوسط للمعركة الشرسة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب وطالب ترامب بإعلان تقديره لها بعد أن فقدت نحو ألفى جندى قتلوا خلال الأربع سنوات الماضية بجانب الضغط على أقباط سيناء على مغادرة بيوتهم.

وقد ألمح السيسى فى كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية إلى وجود دول يجب أن تضاف إلى إيران فى قائمة الدول الداعمة للإرهاب وإن لم يذكر أسماءها قائلا : دعونى أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوافر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصاب منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ من الذى يشترى منهم مواردهم الطبيعية التى يسيطرون عليها كالبترول مثلا؟ من الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوافر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول إلى أبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية.

ورغم أن الأسماء ظلت فى عقل الرئيس فإن أمثلته وأسئلته تشير بأصابع الاتهام إلى قطر وتركيا ولو أضيفت إليهما إيران نكون أمام الدول الثلاث التى كشف عنها السيسى لترامب خلال لقائهما فى البيت الأبيض.

وردت قطر بطريقتها الخاصة على السيسى مستخدمة الجزيرة ما يعنى أن الحرب الباردة بين القاهرة والدوحة عادت قبل أن تنتهى القمة التى ضمتهما معا.

وهنا يكون على التحالف السنى الذى ترعاه السعودية تصفية الخلافات الحادة بين المنتمين إليه وإلا فقد فرصته الجديدة فى التأثير بعد أن تقلصت فرصته الأولى عند إعلانه منذ سنتين فى مارس 2015 قبيل انعقاد القمة العربية فى شرم الشيخ.

وليست خلافات مصر وتركيا وقطر وحدها المشكلة.. هناك مشاكل أخرى هددت وتهدد التحالف.. لقد تراجعت باكستان عن دخوله عند إعلانه أول مرة رغم العلاقات القوية بينها وبين السعودية، ورغم أن الرياض سبق أن قدمت اللجوء السياسى لرئيس الوزراء نواز شريف لمدة سنة ولكن بلاده حريصة على البقاء محايدة لحدودها مع إيران.

كما يضم التحالف دولة يحكمها جنرال مطلوب دوليا كمجرم حرب مثل السودان ينتقل من موقف إلى موقف حسب ما يدفع له.. كان مع طهران ثم ذهب إلى الرياض ومنها إلى الدوحة.. ولرفض ترامب مصافحته لم يأت إلى القمة وأرسل نيابة عنه وزير رئاسة الجمهورية.

لكن.. ذلك لا يقلل من النتائج المؤثرة التى خرجت بها القمم الثلاث فى الرياض.. فقد أكدت أن الولايات المتحدة عادت إلى منطقة الشرق الأوسط بعد أن غابت عنها فى سنوات حكم أوباما الذى اتجه فى سياساته الخارجية نحو الشرق الأقصى.. وبدا واضحا أن هناك جدية فى مواجهة الإرهاب بقوة عسكرية تتكون من 34 ألف مقاتل من دول عربية وإسلامية مختلفة تستخدم عند الحاجة وتبدو موجهة مباشرة إلى التنظيمات الإرهابية فى العراق وسوريا على أن تشارك الولايات المتحدة بأعمال الاستخبارات والدعم اللوجستى طبقا لمبدأ ترامب عدم الحرب بالوكالة أو نيابة عن أحد.

وما لم تعلن هذه القوة أنها جاهزة لمواجهة الإرهاب فى أى مكان آخر مثل ليبيا أو شمال إفريقيا فإنها قد تجد تمنعا من دول مؤثرة عسكريا عن المشاركة فيها.

وهنا تأتى أهمية مطالبة السيسى بأن تكون تشمل المواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز ولا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة فى معظم انحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكرى والأمنى ومن هنا فلا مجال لاختصار المواجهة فى مسرح عمليات واحد دون الآخر، وإنما يقضى النجاح فى استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.

ولكن.. كانت القائمة الموحدة للشخصيات الإرهابية خطوة البداية فى المواجهة الشاملة للتنظيمات الإرهابية.. وضمت القائمة الأولى التى خرجت فى نهاية الزيارة هاشم صفى الدين أمين عام حزب الله ومحمد العيساوى قائد عمليات أنصار بيت المقدس فى سيناء بجانب اليمنيين هاشم محمد عيدروس وخالد على مبخوت.

وقبل أن يغادر ترامب السعودية مهبط الإسلام أشار إلى محطته الثانية فى إسرائيل باعتبارها دولة يهودية لتكون محطته الثالثة فى الفاتيكان رمز المسيحية مما جعله مزهوا بمقابلة رموز الديانات السماوية الثالث التى تنتمى إلى النبى إبراهيم.

لن ينقل ترامب سفارة بلاده إلى القدس مما سيجبره على توقيع قرار جديد بالتأجيل فى أول يونيو القادم، كما أنه سيلتقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى بيت لحم.

وحسب معهد واشنطن للشرق الأوسط فإن إسرائيل مثلها مثل غالبية الدول العربية تريد التأكد من أن ترامب جاد فى ردع إيران وإعادة النظر فى الاتفاق النووى الذى عقد معه وترتب عليه رفع العقوبات على طهران.

لكن.. إسرائيل تخشى أن ينقل الإجهاز على داعش وهو أمر متوقع خلال شهور السياسة الأمريكية من شعار أمريكا أولا إلى أمريكا وحدها مما يضعف من تأثير إسرائيل فى المنطقة التى كانت أكثر المستفيدين من الفوضى التى سادتها.

واختارت إسرائيل منطقة الماسادا فى متحفها الوطنى ليلقى فيها ترامب خطابه الموجه إلى يهود العالم والماسادا قلعة حاصرها الرومان القدامى ورفض اليهود فى داخلها الاستسلام لهم فانتحروا انتحارا جماعيا، وهو اختيار يقصد به إشعار ترامب بالذنب بسبب تراجعه عن وعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس رغم تصادف مرور خمسين سنة على احتلالها بعد حرب يونيو 1967.

وهناك قانون أقره الكونجرس بنقل السفارة ولكن سمح للرئيس الأمريكى أن يوقع قرارا بتأجيل التنفيذ مرة كل ستة شهور إذا ما فرضت عليه اعتبارات الأمن القومى ذلك.

وسيلقى ترامب الرئيس الفلسطينى فى بيت لحم تمهيدا لإعادة المفاوضات مع إسرائيل فى مؤتمر موسع توجه فيه الدعوة إلى جميع الدول العربية ومن المتوقع أن تستجيب وتحضر.

ومن جانبها خففت إسرائيل من حصارها على غزة وسمحت بفتح جسر النبى طوال اليوم وسمحت للفلسطينيين بمزيد من المناطق الصناعية فى جنين وسددت للسلطة الفلسطينية ما لها من ضرائب حصلتها إسرائيل.

وبوصول ترامب إلى الفاتيكان تكون فكرة توحيد الأديان الثلاثة فى مواجهة الإرهاب التى اقترحها عليه مستشاروه قد تحققت وجاء اختياره للسعودية ردا على خطاب سلفه وخصمه أوباما فى جامعة القاهرة عام 2009.

يضاف إلى ذلك العائد الاقتصادى الكبير الذى نجح فى تحقيقه خلال يومى السعودية بالاتفاقيات التى وقعت مع الرياض والاتفاقات المتوقع توقيعها مع دول خليجية أخرى «تقديراتها 500 مليار دولار» مما يعنى انتعاشا فى أسواق الوظائف والاستثمارات الأمريكية خاصة لشركات إنتاج الأسلحة ومعدات الدفاع التى انخفضت مبيعاتها خلال سنوات حكم أوباما بمقدار 500 مليار دولار.

لكن.. ذلك النجاح الخارجى السريع لا ينفى وجود متاعب سياسية حادة فى الداخل الأمريكى تهدده بالإقالة إذا لم يقتنع بالاستقالة.

وهو ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تصف الرحلة بـ«رحلة الهروب» من واشنطن تبدأ من الرياض .

تتركز متاعب ترامب فى سلسلة التسريبات الضارة بعلاقته مع روسيا مما أدى إلى وجود تحقيقات فى الكونجرس لم يكن قادرا فيها على دفاع محكم عن نفسه.

شملت التسريبات طلب ترامب من مدير إف بى أى جيمس كومبى إسقاط التهم عن مستشاره السابق للأمن القومى مايكل فلين وتركزت التهمة فى كشف أسرار تتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا لسفيرها فى واشنطن وعندما رفض كومبى طلب ترامب أقاله من منصبه.

وكانت هناك تسريبات أخرى كشف فيها ترامب لوزير الخارجية الروسية عن معلومات لديها نقلتها إليه المخابرات الإسرائيلية عن خطة لداعش لتفجير طائرات فى عواصم غربية باستخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة.

حسب دوجلاس برنكلى أستاذ التاريخ فى جامعة رايس الأمريكية: الأمر عبء ثقيل على النفس الأمريكية أن يتوجه الرئيس إلى الخارج عندما يكون السيف معلقا عليه فى الداخل وحينها يتحول الرئيس بدلا من تمثيل أفضل ما فى أمريكا إلى دودة هاربة.

ولكن.. لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يهرب فيها الرئيس الأمريكى من متاعبه الداخلية برحلات خارجية.

لقد زار الرئيس نيكسون الشرق الأوسط عام 1974 فى أوج فضيحة ووترجيت وكانت زيارة الرئيس كلينتون إلى روسيا وبريطانيا وأيرلندا الشمالية عام 1998 خلال فضيحة مونيكا لوينسكى.

لكن ترامب المختلف فى كل شىء وصاحب التصرفات والقرارات غير المتوقعة عكس آية النجاح.. فلم تعد السياسة الخارجية انعكاسًا للسياسة الداخلية وإنما أصبحت السياسة الخارجية هى الداعم والمساند للسياسة الداخلية.