سليم الهواري يكتب: "زيوس وصندوق بندورا"

ركن القراء

سليم الهواري
سليم الهواري


الصندوق الأول..

زيوس معبود القدماء، كان المجد لك قبل أن تهدي بندورا صندوق الشر، كنت إله منعمًا فوق كل شي، وكانت لك اليد على عبادك الكافريين، كانت الشمس رمزا لك يا إله القدماء، ولكن لم تكن بندورا معبودتك، فقد تنازلت عن إله أحمق مثلك، ظن أنه يخلق من يشاء بغير حساب، كان الحب أقوى منك، وفتحت الصندوق الذي أعطيته إياها، بعد أن طلب منها "إبيميثوز"، وكانت نتيجة ذلك خروج كل شرور البشر منه.

الصندوق الثاني.

فعلت أنا ما اعتقدت أنه صواب حين أمرني رب عملي، ألا أصغَ لقلبي، وأعمل لما يضمن مصلحتي، وأبتعد عن بدرية التي داعبتها بـ"بندورا"، كانت تمر بقوامها الممشوق، لم أستطع أن أمنع ناظري من رؤية جسدها العاج، ونهديها الزجاج، فقد توغلت سريعًا داخل كياني، وكفرت برب عملي لأجل "بدرية" سارقًا إياه، كي نهرب أنا وهي سويا من تلك الحارة الصماء، ولكن لم أعتقد أن أجد رب عملي على فراش بندورا بعد إهدائها صندوق يحمل ذهب، كي ينال رضاها، فعلمت حين رأيتهما معًا أن صندوق من المال كفيل أن يأتي بأكثر النساء جمالًا على فراش المتعة، حتى وإن كان الفراش داخل محراب للصلاة.

الصندوق الثالث.

كانت تموج داخل وريدي كل مساء، عفوية شمطاء أعشقها وتهواني، وارتويت مرارا من شهدها، وكان لبريقها علاج عن بعد، يعالج تجلط الدماء داخلي، إلا أن صارحتني يومآ أنها تريد ماهو أبعد من الهوي، قالت لي: لقد حيرتني و لم أعد أعرف ماذا أقول، قلت لها:لا داعي لأن تقولي لأنك من الأساس لا تعرفي، قالت:وماذا عن الحب العذري؟، قلت:إنه ليس حب، إنه مسابقة بين اثنين لمن يقول كلام أجمل، تماما كما في مسابقات طرواده، سيخرج واحد منهما وقد ربح  ويخرج الآخر بدون شيء بعد أن يكون قد وصل، أما الحب الوحشي، فالاثنين سيربحان ، قالت يربحان الذهب؟، قلت:بل قبلة وردية.

الصندوق الرابع.

أنتِ صغيرة يا عزيزتي، ابحثي عن وطن صغير يحتويكِ، يكن لكِ الملاذ الأمن ويكبر معكِ رويدا رويدًا، أما أنا فزيوس لم يعف عني حين سرقت بندورا منه، وظلت تلك اللعنة تطاردني حتى الآن، فلا تثقلي كاهلك عبء آخر في حياتك الصغيرة، فما أنتِ إلا كالقاصرات الساهرات المراهقات السازجات السابحات في بحر الكلمات الوردية، وأغار عليكِ من لعنة إله أخرق يتبعني في كل خطوة أخطوها نحو نساء تلك الأرض.

الصندوق الخامس.

كلنا تزوجنا وندمنا على زواجنا، ندمنا حين وضعنا يدينا وقرأنا الفاتحة لنعلن أمام الجميع أننا تزوجنا من بندورا، وكانت لحظة الندم الكبري حين أخرجت بندورا حقيقتها، بعد اسبوعها الأول من الزواج، وظهرت علي حقيقتها بشعرها المجعد، وعينيها الثاقبتين، وشكلها المرعب، حينها فقط تمني كل رجل أن يعود إلى عذاب الدراسة والاستيقاظ مبكًر، بدلا من زواجه من بندورا.