جمال جورج يكتب: عبد الجليل .. شيخ المواويل

ركن القراء

بوابة الفجر


 

الموال فن شعرى قديم يتسم بالأرتجال وحرية التنقل من مقام لأخر دون قيود ملموسة على المرتجل وأنتشر بشكل كبير خلال عهد هارون الرشيد  كما يرجعه بعض المؤرخين الى واقعة تاريخية شهيرة طلب فيها الرشيد من جواريه القاء مرثية شعبية دون تحضير أو تجهيز فى بلاط القصر بمناسبة رحيل وزيره وأنتشرت بعد ذلك بشكل سريع وتحولت الى فن  مستقل بذاته .. المواويل أخذت صورا  مختلفة حتى أن بعض مشايخ الفضائيات باتوا يرددونها كما لو كانوا يعزفون سيمفونيات لكنها للأسف أن عرضت على لجنة تحكيم أكاديمية بقيادة الدكتور حلمى بكر ستحصل على تقديرات بنشاذها وأحكام بأعدامها .

ولعل الشيخ الجليل سالم عبد الجليل مستشار المجلس الأعلى للشئون الأسلامية الذى أنبرى دفاعا عن دين الله على شاشة فضائية المحور خلال البرنامج الذى كان يقدمة المسلمون يتسائلون قبل أيقافة بمعرفة أدارة القناة أحد أحدث مجددى هذا الفن ,حيث انه وضع عليه لمسات من نوع خاص تصطبغ بلون الفتنة والكراهية للأخر..الشيخ سالم لم يكن سائرا بصورة ممنهجة فى مخطط أزدراء العقيدة المسيحية بقدر ما أستغل الفرصة لدس السم فى العسل خلال تفسيرة لأيات من صورة ال عمران ووصفه للعقيدة المسيحية بالفاسدة ..قامت الدنيا ولم تقعد وتحولت الفضائيات لمنصات محاكمة لعبد الجليل وكافة مطلقى فتاوى التكفير وما يترتب عليها من أزهاق الأرواح وأراقة الدماء من مستحليها المنتمين لجماعات الجهاد الأسلامية المسلحة والذين منهم من يقاتل الجيش والمواطنين العزل فى شمال سيناء والعريش ورفح..مجمع البحوث الأسلامية والأزهر كان موقفهما واضحا منذ اللحظات الأولى بعد أن تبرأوا من عبد الجليل على الملأ ثم تلتهم وزارة الأوقاف التى أوقفته عن الخطابة على جميع منابرها  ووزعت    نشرة بذلك .

بينما كان موقف الدكتور نجيب جبرائيل المحامى   تلك  المرة  مهنيا لأقصى درجة بعد اقامته دعوى قضائية أختصم فيها الرجل بجنحة مباشرة واتهمه بأزدراء الأديان ومناهضة الدولة التى تعمل على تجديد الخطاب الدينى وفقا لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أطار حملتة لتنقية وتطهير المؤسسات الدينية ومجابهة التطرف والأرهاب  .

موقف قناة المحور كان حاسما بعد أن أغلقت أمامه المنبر الوحيد الذى كان يطل منه الشيخ وأعلنت فى بيان رسمى لها بأنهاء التعاقد معه ,ففى نهاية الأمر هى قناة تقوم بدورها الأعلامى فى نقل الحدث والفكر كما انها من القنوات التى تتيح مناقشات عديدة فى برامجها لقضايا المواطنة ومشاكل الأقباط ويأتى على رأسها برنامج 90 دقيقة الذى يقدمه الأعلامى معتز الدمرداش ويرأس تحريره زميلنا سامى عبد الراضى .

الأزمة لم تكن وليدة اليوم بل سبق وأقام الشيخ سالم الدنيا من قبل بأشعاله لقضية زواج النبى محمد من السيدة العذراء فى الجنة ..بالنسبة له لا تخرج القصة عن كونها توصيفا عقائديا يؤمن به عموم المسلمين ولكنه لم يراعى أصطدامه بعقيدة المسيحيين الذين يخالفونها و من الطبيعى والبديهى الا يتفق دين مع الأخر والا يوجد تطابق بين عقيدة وأخرى الا أن النافخى فى أبواق الفتنة لا يهتمون كثيرا بتباعيات ما يرددونه أو يروجون له من أفكار ,فكل ما يهمهم خطب ود قاعدتهم العريضة والسيطرة عليها من باب الدين الذى أكتشفوا مدى تأثيره السحرى لأستقطاب مريدين جدد حتى لو على حساب جثة الوطن.

دعك من كل الزوابع التى أثيرت حول فتنة التكفير التى أشعلها الشيخ عبد الجليل ولنتأمل مقتطفات مما نشر على مواقع التواصل الأجتماعى من تعليقات تعكس مدى وجود كراهية حقيقية فى بعض النفوس للأخر ,فبعد أن خرج وأعتذر عن جرح المشاعر الذى سببه  كتب بعضهم ابيات هجاء تكفى لبناء قلاع وحصون من البغضاء وأستوقفنى تعليق لمحامى يدعى عمرو  زغلول يعرض على الشيخ عدم التراجع وتوكيله للدفاع عنه وعن الاسلام حتى لو كلفه ذلك البقاء خلف أسوار السجن متناسيا دوره كمحامى ورجل يحترم القانون تلاه الشيخ عبد الله رشدى الذى راح يسكب مزيدا من الزيت على النار ليزيد الأمر أشتعالا بتأييده لتصريحات الشيخ الذى أعتذر عنها .. الصورة كلها عكست واقعا مريرا من الشحن التكفيرى لبعض العناصر المحسوبة على الأزهر ..وبالتفتيش فى سيرة الشيخ عبد الجليل ذو الوجه الأعلامى المعروف ,تبين تشجيعه لابنائه على الخروج والمشاركة فى مظاهرات رابعة العدوية الأرهابية ورفضة وصفها بالمسلحة   كما أجاد فن القفز  على الحبال وتغيير مواقفه وتبديلها بسرعة فائقة تتخطى سرعة الحرباء فى التلون ,فهو أول من عارض الخروج على الجاسوس مرسى ثم عاد وأنتقل للمعسكر الثانى بعد أن صارت له الغلبة وحرم  مظاهرات الأخوان ومواليهم .

تلك الواقعة بمثابة جرس أنذار لتنبيه أصحاب السلطة والسلطان من بعض العمم التى تفتقد لفطنة أختيار اللفظ والكلمة و الموضوع وتسعى لكسب أرض على حساب العرض.