إيمان كمال تكتب: لأول مرة وبالشخصيات الحقيقية قمع.. حروب.. إرهاب على الشاشة

مقالات الرأي



بين انتشار الجماعات التكفيرية وقضايا اللاجئين يعيش العالم على صفيح ساخن، ولأن الأفلام التسجيلية تسعى دائما لتسجيل الحقائق فقد فرضت هذه القضايا نفسها على صناع الأفلام المشاركة بفعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة فى الدورة التاسعة عشر للمهرجان .


1- "وحيدا برفقة طالبان" الوجه الآخر لطالبان

«الكاميرا لتسجيل الحياة وليس الحرب والموت والدمار».. كلمة قالها المخرج محسن إسلمزاد فى فيلمه الإيرانى «وحيدا برفقة طالبان» والذى عرض بداخل المسابقة الرسمية للأفلام التسجيلية الطويلة، واختار اسلمزاد خلال فيلمه أن يسجل حياة طالبان فى أفغانستان على أرض الواقع فى رحلة استغرقت 65 دقيقة على الشاشة، اسلمزاد برر سعيه لصناعة الفيلم بأنه لم يتمكن بالبحث عبر الكتب عن التوصل إلى أى تفاصيل تخص حياتهم وإن كان لم ينكر مخاوفه بالتواجد معهم فى البداية فى رحلة محفوفة بالمخاطر أيضا.

«مرحبا بك فى قندهار» بها بدأت رحلته بعدما ارتدى ملابسهم وظل مرافقا لأحد زعماء المجاهدين كليم الله، وبين المجاهدين والبائعين والأطفال تنقلت عدسته لتنقل الحياة بكافة أشكالها، فنرى المجاهدين الذين برروا القتل بأنه ليس دفاعا فقط ضد الأمريكان أو حتى جنود الإنجليز وإنما ضد كل كافر وكل من يدعمهم أيضا، فالدم ليس بريطانيا أو أمريكيا فقط.

معسكرات الحرب.. تدريبات للمقاتلين.. وحتى المساجين بين قاتل وسارق «فطالبان لا تغفر» كلمة قالها أحد المساجين بالجبل .. وحتى المدينة والأطفال وبائعى الايس كريم وغيرهم، الذين تحدثوا عن الحياة بعد طالبان وكيف تحولت للأفضل بفضل وجود استقرار، فالبعض أوضح بأن الحياة قبلهم كانت مليئة بالحرامية والنصابين وكان هناك صعوبة فى التنقل بين المحلات التجارية والمنازل، فيما تحدث آخر عن أن بعض المدن كانت بدون كهرباء لولا طالبان، واعتبر الصراع بين الحكومة وبين طالبان خاص بهم وحدهم لكن من يعيشون من الجهاديين أو حتى العاديين كل ما يعنيهم هو حياة بها خبز وملح وطعام وهو ما استطاع الجهاديون توفيره لهم.

استعرض اسلمزاد ايضا ضرب الأمريكان لموسى قلعة إحدى مدن افغانستان من خلال دخان القنابل الأمريكية على الجانب الآخر من الجبل.


2- الخروف الأسود (وهم الديمقراطية.. والعنف الخيار الأخطر)

شاب مسالم يعيش حياة بسيطة فى ليبيا التى ولد بها عام 1985 كان مثل كثير من أقرانه يستيقظ فى الصباح ليقرأ كتاب القذافى الأخضر قبل الذهاب إلى الدراسة أو العمل كما كل من فى ليبيا، فلا يجرؤ أحد أن يتحدث عن الدولة أو الحكومة حتى بين عائلته أو أصدقائه فالجميع يعيش نفس حالة الخوف..الوضع المأساوى الذى انتهى بالثورة الليبية والحروب التى تلتها..

فعثمان الشاب الليبى.. الذى تحمس المخرج انطونيو مارتينو لقصته وكيف تحول من شاب عادى يهوى الموسيقى والعزف على الجيتار وحضور مباريات الكرة إلى شخص غير سوى نفسيا بسبب الحروب والعنف بعد أن تم إقناعه بالقتال فى سبيل الحرية والديمقراطية إلا أنه بعد أن يتورط فى العنف والتطرف الدينى تأكد أنها لم تأت بأى نتائج ايجابية بل شوهته داخليا وأصبح شخصا يحمل السلاح ليقرر بعدها ترك ليبيا والهجرة، مع اعترافه فى منتصف الفيلم بأنه يعشق ثقافة الشعب الأمريكى والذى لا يكرهه بل على العكس فثقافتهم المختلفة هى الافضل حتى أنه أصبح لا يحب الوطن الذى يعيشه، وهو ما جعل خيار الهجرة هو الافضل بالنسبة له.

وعلى الرغم من القضية المهمة التى تناولها الفيلم وهى التشوهات النفسية التى تنتج من العنف والحرب والتطرف الدينى، إلا أن المخرج سقط فى فخ الملل خلال 72 دقيقة هى مدة الفيلم التسجيلى الطويل والذى ركز فيه على السرد من خلال البطل والاستعانة بلقطات الحكى سواء فى منزله أو فى سيارته، فيشعر المشاهد بأن العمل يسير على وتيرة بطيئة ليصبح من الأفلام التى صنفت كاختيار سيئ ضمن المسابقة.


3- الأشباح تطارد أوروبا (تنوعت الجنسيات واللقب لاجئ)

الوطن أغلى ما يملك الإنسان .. حينما يسقط الوطن فى ويلات الحرب تنجرف الحياة بالمئات والآلاف ممن يحملون لقب «لاجئ» والذى يظل لاصقا بهم مع كل تفاصيل الحياة اليومية، ولأن العالم بات الفترة الماضية يعيش اضطرابات وحروبا واشتعالات فقررت المخرجة ماريا كوركوتا بالمشاركة مع نيكى جانارى أن تصنع فيلما تسجيليا طويلا مدته 99 دقيقة عن اللاجئين فى أوروبا بمختلف جنسياتهم سواء سوريين أو أكرادا أو باكستانيين وأفغانا وغيرهم.

وحاولت المخرجة خلال الأحداث أن ترصد كيف يمشون أميالا حتى يصلوا للمخيمات وعلى الرغم من حصول أغلبهم على لقب لاجئ، كيف يحاولون أن يعبروا عن أنفسهم كيف ينتظرون الطعام والشاى والطبيب وسط الصفوف عبر الحدود بين اليونان ومقدونيا.


4- قضايا حرب سوريا وفلسطين تسيطر على الأفلام

كما عرض المهرجان الفيلم الإيطالى «اكسر الحصار» كيف استطاعت موسيقى الهوب هوب الفلسطينية أن تلقى اهتماما دوليا بالرغم من الحصار المفروض على قطاع غزة.

والفيلم الأسبانى روان 16-7 للمخرج الألمانى ميجيل بارا والذى يحكى تفاصيل 24 ساعة لروان وهى فتاة سورية قررت السفر لسوريا للمشاركة فى الحرب هناك، أيضا فيلم «عودة رجل» وهو إنتاج فلسطينى سورى مشترك للمخرج مهدى فليفل والذى يرصد حياة شاب يدعى رضا يعود بعد ثلاث سنوات محاصرا فى اليونان لمخيم اللاجئين فى «عين الحلوة» ليجد تغييرات حلت على المخيم بسبب الحرب السورية والفيلم التركى «المقاومة هى الحياة» للمخرج أبوبازيدى عن مقاومة مدينة كوبانى فى حربها ضد الدواعش .


5- أخطاء هالة الحملاوى ومحاولات الخروج بشكل مشرف بالرغم من ضغط البرنامج

بحضور وزير الثقافة حلمى النمنم واللواء ياسين طاهر محافظ مدينة الإسماعيلية والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس والدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما، والناقد عصام زكريا رئيس الدورة التاسعة عشر للمهرجان أقيمت حفلتا الافتتاح والختام.

فى حفل الافتتاح تم الإعلان عن المكرمين لهذه الدورة ومنهم المخرج هاشم النحاس كمؤسس للمهرجان قبل سنوات ولتاريخه الكبير فى صناعة الأفلام التسجيلية وهو ما يحسب للدورة.

فيما غابت أى فعاليات احتفائية لتكريم الناقد الراحل سمير فريد أو المخرج محمد كامل القليوبى حيث تسلم نجلاهما درع المهرجان فى حفل الختام فقط.

جاء الافتتاح بشكل مختصر ومميز على عكس الختام الذى شهد العديد من الأخطاء للمذيعة هالة الحملاوى التى قدمت الحفل ووقعت فى العديد من الأخطاء ما اضطر عصام زكريا رئيس المهرجان لأن يقوم بدورها أكثر من مرة إنقاذا للموقف، حيث تجاهلت فى البداية تقديم الجوائز الفرعية الخاصة بجمعية الرسوم المتحركة وجمعية نقاد السينما ولوحظ بأن رئيس المهرجان حاول تنبيهها أكثر من مرة إلا أنها لم تستجب وأصرت على تقديم الجوائز الرئيسية للجنة التحكيم بعكس ما هو متعارف عليه فى الدورات السابقة.

كما تسببت الحملاوى فى صعود مخرجتين على المسرح بعد أن أعلنت عن إحدى الجوائز بالعربية ومن ثم قامت بترجمتها بجائزة أخرى بالإنجليزية وهو ما وضع المنظمون فى وضع حرج، كما أعلنت بالخطأ عن جائزة الفيلم التسجيلى الطويل بدلا من التسجيلى القصير ولأخطائها المتكررة اضطر «زكريا» بتنحيها جانبا والإعلان بنفسه عن الجوائز حتى لا يتسبب فى مزيد من الأخطاء.

وبالرغم من تنافس 115 فيلما من 45 دولة إلا أن ضغط المهرجان ليختتم قبل موعده بأيام وضع جدول العروض فى مأزق ما اضطر المنظمون إلى نقل بعض العروض خارج قصر الثقافة وتكديس الندوات إلا أن إدارة المهرجان حاولت إنقاذ الموقف بقدر المستطاع كى يتمكن الحضور من متابعة العروض وحضورها.