عائشة نصار تكتب: أسبوع الآلام في أوروبا بتوقيع ذئب داعش "العجوز"

مقالات الرأي

عائشة نصار
عائشة نصار


بالطعن والدهس من أورلي وأنتويرب إلي لندن

"داعش" صك براءة اختراع "الإرهابي الأعزل" في عالم التنظيمات المتطرفة

التنظيم تفوق علي إجراءات الأمن الغربية بتحويل أدوات الحياة اليومية إلي أسلحة للقتل 

"لا يمكننا.. من الصعب منع هجوم فردي ينفذه مهاجم مزود بأسلحة بدائية مثل سيارة أوسكين".. بذلك الوضوح "الموجع" اعترف "اسكوتلانديارد" أعتي أجهزة الأمن في أوروبا، بالعجز أمام استراتيجية محمد العدناني "منجنيق داعش" الشيطانية لـ"تفخيخ" العواصم الغربية، وعن الحيلولة دون وصول المد الإرهابي الداعشي إلي قلب "عاصمة الضباب"، التي نجحت موجة الإرهاب الجديد في غزوها عبر ذئب منفرد "عجوز" مثير للجدل.

وكانت العاصمة البريطانية لندن قد شهدت، الأربعاء الماضي، عملية إرهابية مروعة ، ضربت واحداً من أهم المعالم التاريخية والسياحية في بريطانيا والعالم، علي بعد أمتار فقط من ساعة بيج بن، نفذها بريطاني متحول للإسلام،  يدعي خالد مسعود، وقام بدهس عدد من المشاة علي جسر ويستمنستر، قبل أن يتوجه بعدها إلي مبني البرلمان البريطاني حيث نجح في قتل أحدأفراد الأمن بطعنه عشر طعنات بالغة بسكين أودت بحياته، قبل أن يلقي الإرهابي مصرعه برصاص الشرطة.

في نفس اليوم أيضا، وبعد ساعتين فقط من هجوم لندن، استطاعت الشرطة البلجيكية إلقاء القبض،علي إرهابي آخر، هو الفرنسي من أصل تونسي محمد آر39عاماً، هو يحاول تنفيذعملية دهس مماثلة باستخدام سيارة في مدينة أنتويرب البلجيكية، وذلك بفارق 4 أيام فقط عن عملية مطار أورلي التي هزت فرنسا من جديد، وبدأها التونسي زياد بن بلقاسم، بإطلاق النار علي شرطيين قاما بتوقيفه في نقطة شرطة شمال باريس، قبل أن يتوجه إلي مدينة أورلي، حيث حاول اختطاف السلاح من إحدي المجندات بالمطار هناك، وهو يهتف "ألقوا أسلحتكم وضعوا أيديكم فوق رؤسكم..أنا هنا للموت في سبيل الله ..سيسقط قتلي علي أية حال"، عندما سقط بدوره صريعاً برصاص اثنين من زملائها.

وهو مايعني ببساطة أن العمليات الثلاث التي ضربت ثلاثة من أكبر الدول الغربية، في معاقلها، وتسببت في رفع حالة التأهب الأمني إلي أقصي الدرجات في أوروبا بأكملها خلال الساعات الماضية ، قد نفذها الإرهابيون بإمكانيات  لاتذكر بالأساس، ولم تتجاوز استخدام السكين والسيارة، وغيرها من أدوات الحياة اليومية التي لا يمكن منعها أو السيطرة عليها.

هجوم الشاب المصري، عبدالله الحماحمي علي  متحف اللوفر في باريس باستخدام ساطورأيضاً قبل أسابيع، واعترافه بالتخطيط لتشويه اللوحات بالمتحف باستخدام الطلاء، لم يزل حاضراً في الأذهان، إلي جانب سلسلة من عمليات الدهس والطعن المروعة التي شهدتها أوروبا خلال الشهورالماضية وتم اختيارأهدافها وأماكنها، وتوقيتها أيضاً بمنتهي الدقة والعناية بحيث تحقق أكبر قدر ممكن من إثارة الرعب والفزع، وتكسب أعلي تغطية إعلامية عالمية، وتسقط أكبر عدد من الضحايا.

وذلك ابتداءً من حادث الدهس الذي نفذه الإرهابي التونسي محمد لحويج بوهلال، وأودي  بحياة 86 شخصاً٬ وأصاب أكثر من 400 آخرين، في مدينة نيس الفرنسية ليلة الإحتفال بالعيد الوطني"يوم الباستيل"، وأيضاً حادث الدهس الذي نفذه التونسي كذلك أنيس العامري في العاصمة الألمانية برلين، في سوق الكريسماس ما أسفر عن مقتل 12 شخصاً٬ وإصابة 48آخرين،  بالإضافة إلي ما قام به الطالب من أصل صومالي في جامعة أوهايو،عبد الرزاق علي 18عاماً، حيث قاد سيارته ودهس عدداً من زملاؤه ثم طعن آخرين منهم باستخدام سكين كانت بحوزته، قبل أن تتمكن الشرطة من قتله.

تلك العمليات، وغيرها من العمليات المماثلة في مدن أوروبية متنوعة،هي تنفيذ حرفي، للـ"الكتالوج الداعشي" الجديد،  وللدعوة التي سبق وأن أطلقها "منجنيق داعش" أبو محمد العدناني، الناطق السابق بإسم التنظيم، للمسلمين في الغرب، باستهداف رعايا دول التحالف الدولى التى تستهدف معاقل التنظيم، بالقتل، وبكل وسيلة "تقع عليها أيديهم"، فـ"من لم يتيسر له الحصول على السلاح أو المتفجرات، فباستخدام عبوة صغيرة أو طلقة أو طعنة من سكين أودهس بسيارة مفخخة او ضربة بحجر، أو الإلقاء من سطح عال "، وذلك بعد أن أعلن العدنانى أوروبا "أرض جهاد".

وبذلك تكون تلك الدعوة التي روج لها "داعش" أيضا في مجلته"رومية"، قد دشنت استراتيجية جديدة تماما فى عالم التنظيمات الإرهابية، وفى آليات عملها على الأرض، تقاوم الإجراءات الأمنية التي تركز علي الوسائل الإرهابية المتطورة كالمعتاد، وتحول عنصر التنظيم، أو"الذئب المنفرد"، إلى سلاح للتدمير فى حد ذاته، بأدوات الحياة اليومية "البسيطة"، وبدون الحاجة إلى إمكانيات أو تدريب، أو دعم لوجستى، أو تكلفة للحصول على سلاح أو متفجرات.

وذلك بعد  أن التقط "تنظيم البغدادي" طرف الخيط من قيادي القاعدة الراحل أنور العولقي، في مقاله الشهير في مجلة  "إنسباير" بعنوان "كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك ؟"، ثم طورالفكرة  بعد ذلك وأضاف إليها أيضاً، علماً بأن موقع "جوجل" قد حذف في اليوم التالي لـ"هجوم لندن" روابط الكترونية، لكتيبات إرشادية  نشرها "داعش" تشرح كيفية تحويل السيارة إلي سلاح للقتل.

ومع الوضع في الإعتبارالخلفية "الجنائية" "المشتركة"  لغالبية "الذئاب المنفردة" مؤخراً في أوروبا، واحتمالية التجنيد داخل السجون، وتعاطي بعضهم  للمخدرات والكحول قبيل تنفيذ العمليات الإرهابية، يبدو عامل التقدم في العمر ملحوظاً كظاهرة جديدة كذلك في أعمارمنفذي العمليات الثلاثة الأخيرة، بداية من منفذ "هجوم لندن" 52عاماً، وأيضا  منفذي هجوم مطار أورلي، ومحاولة الدهس في "أنتويرب" " في بلجيكا" 39عاما،  وقد أثارمسعود، الذي لم تثبت عنه ارتباطات تنظيمية مباشرة، تحديداً حالة من الإستغراب  نظرا لتقدمه في العمر، بالمقارنة بغيره من "الذئاب المنفردة" والذين عادة مايكونون في العشرينيات من العمر ، ويرجع النجاح في التأثير عليهم وتجنيدهم لصالح التنظيمات الإرهابية إلي عامل صغر السن.

فضلاً عن أن خالد مسعود "أدريان راسل أجاو" قد تسبب أيضاً في تسليط  الضوء علي مدينة "برنجهام" البريطانية، محل إقامته، بوصفها معقلاً للمتطرفين في بريطانيا، كما فتح الملف الشائك بشأن علاقة المتحولين إلي الإسلام في الغرب بالتطرف ، وانضمامهم للتنظيمات الإرهابية.