مى سمير تكتب: مستقبل العالم فى 7 مشاهد

مقالات الرأي



تقرير استخباراتى أمريكى يكشف ملامح الخريطة السياسية فى 2017

■ مصر مستمرة فى الإصلاح الاقتصادى وتجنى ثمار سياستها الخارجية المستقلة فى ليبيا

■ استمرار الحرب فى سوريا.. وتركيا تصطدم بأمريكا بسبب الأكراد.. وصندوق استثمارى سيادى لإنقاذ اقتصاد السعودية


سبعة مشاهد رئيسية رسمها مركز «ستراتفور» الأمريكى والمتخصص فى الدراسات الأمنية والاستخباراتية، فى أحدث تقاريره عن ملامح الخريطة السياسية فى مختلف دول العالم خلال عام 2017.

المركز توقع تعافى الاقتصاد المصرى خلال الشهور المقبلة، فى الوقت الذى ستموج فيه منطقة الشرق الأوسط بكثير من الأحداث التى تتأرجح ما بين التوترات العسكرية والتحولات السياسية، وتشهد دول الاتحاد الأوروبى تفككاً كبيراً، وتظل روسيا هى اللاعب الرئيسى فى المجال الدولى.


1- مصر تتبنى مزيدا من الإصلاحات الاقتصادية

فيما يتعلق بمصر، أشار التقرير إلى أن الاستقرار النسبى للاقتصاد المصرى سوف يساعد على تبنى سياسة خارجية مستقلة، فى الوقت الذى سيعمل فيه النظام المصرى على جذب التمويل من أكبر عدد ممكن من الأطراف الدولية.

وأوضح التقرير أن إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها مصر العام الماضى وتضمنت تعويم الجنيه والحصول على قرض صندوق النقد الدولى، ورفع الدعم عن الطاقة، سوف تحتاج إصلاحات أكثر جذرية مثل تخفيض حجم الرواتب فى القطاع العام وزيادة عائدات الضرائب، متوقعاً تحقيق نجاح ضئيل فى هذا الأمر بسبب الضغوط التشريعية والشعبية خاصة أن المواطنين المصريين يعانون من أزمة اقتصادية طاحنة.

وبحسب المركز سوف تستمر مصر إلى جانب الإمارات فى سياستها الداعمة للواء خليفة حفتر فى ليبيا، وهو الدعم الذى بدأ يؤتى بنتائج إيجابية أخيراً خاصة فى ظل سيطرة قوات «حفتر» على شرق ليبيا، واستعدادها لتوسيع نطاق سيطرتها على الغرب، ولكن توقع المركز استمرار حالة الصراع فى ليبيا خاصة أن الفائز سوف يحصل على ثروة ليبيا النفطية الضخمة، متوقعاً كذلك تراجع نفوذ تنظيم «داعش» الإرهابى فى ليبيا وانسحابه للمناطق النائية.


2- الشرق الأوسط على صفيح ساخن

ورسم التقرير صورة للمشهد السياسى فى منطقة الشرق الأوسط، حيث توقع المركز ألا يقل انخراط «أمريكا» فى المنطقة عما كان الوضع عليه فى سنوات سابقة، ولكنها فى المقابل ستكون أكثر حكمة مما سيعطى فرصة لدول أخرى للعب أدوار مؤثرة بالمنطقة خاصة فى سوريا والعراق.

وحول الوضع فى «سوريا» باعتبارها البقعة الأكثر اشتعالاً فى المنطقة، يتوقع المركز استمرار الحرب الدائرة فيها على الرغم من الانتصارات الأخيرة التى حققتها قوات بشار الأسد.

وبحسب المركز، أمام قوات بشار الأسد سلسلة طويلة من الأعمال من ضمنها تنظيف المنطقة بين دمشق وحلب والتى تعانى من وجود تنظيمات إرهابية، هذا إلى جانب استمرار تواجد تنظيم «داعش» فى شرق البلاد، مما سيعنى ضرورة مواجهته خاصة إذا أراد بشار الأسد استعادة السيطرة على حزام النفط حول مدينة «تدمر».

إلى جانب هذه المهام المعقدة، فإن زيادة تدخل القوى الأجنبية فى الصراع السورى سوف يؤدى إلى تأجيجه، وتوقع المركز دعم أمريكا للفصائل التى تساعدها فى حربها على تنظيم الدولة، بينما سوف تدعم دول السعودية، وقطر وتركيا الفصائل المعارضة فى «إدلب»، وهو الأمر الذى سينعكس بشكل إيجابى على الفصائل المتطرفة فى صفوف المعارضة السورية.

وأشار المركز فى تقريره إلى زيادة حجم التعاون التكتيكى بين موسكو وواشنطن، محذراً من الاستغلال التركى للوضع فى سوريا من أجل توسيع مجال نفوذها فى شمال سوريا والعراق للتصدى للأكراد فى تلك المناطق.

فى نفس الوقت، وبفضل تواجد القوات الروسية، لن تسعى تركيا إلى توسيع نفوذها أبعد من المناطق التى يتمركز فيها «الأكراد».

هذه المساعى التركية سوف تصطدم بحقيقة الدعم الأمريكى للأكراد إلى جانب تواجد القوات الروسية فى شمال سوريا، الأمر الذى سيجبر تركيا على التنسيق والتقارب مع موسكو، تجنباً لهذا الصدام، إلى جانب محاولة تهدئة التوترات التى تسيطر على علاقتها بأمريكا بسبب دعم الأخيرة للقوات الكردية.

فى العراق ستحاول تركيا تمديد نفوذها إلى المناطق التى وصل إليها نفوذ الإمبراطورية العثمانية فى سنجار والموصل وأربيل وكركوك، وستتنافس مع إيران لملء الفراغ الذى سيخلف رحيل تنظيم الدولة من الموصل.

وألقى التقرير الضوء على تزايد حدة التحديات التى ستواجه تركيا فى الداخل، فعلى الرغم من الطموح التركى فى توسيع نفوذه خارج الحدود إلا أن الأوضاع الداخلية فى تركيا تشكل تحديا حقيقيا لأردوغان.

ومن أبرز تلك التحديات، الهجمات التى تشنها الميليشيات «الكردية» إلى جانب التوقع بمزيد من الهجمات الإرهابية التى سيشنها تنظيم «داعش» فى ظل قيام تركيا بخنق مسارات حركته وهروب التنظيم إلى شمال سوريا.

لكن المشكلة الأكبر التى تواجه تركيا على المستوى الداخلى هى محاولة أردوغان لإجراء تعديلات دستورية من أجل توسيع صلاحياته الرئاسية، ما سيعنى تعرض البلاد لحالة من الاستقطاب السياسى التى قد تسفر عن توترات داخلية.

وتبقى الأوضاع الاقتصادية المتردية بمثابة الحلقة الأخيرة من سلسلة التحديات التركية فى 2017 فى ظل تراجع قيمة العملة التركية أمام الدولار، ما يؤدى إلى هروب الاستثمارات الأجنبية خاصة مع تصاعد الأعمال الإرهابية التى ضربت الاستقرار التركى.

أما فيما يتعلق بإيران، فقد اعتبر المركز عام 2017 بمثابة الاختبار الحقيقى لقوة الاتفاق النووى للعلاقات الأمريكية الإيرانية، متوقعاً ألا تتسم إدارة الرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب» بأى قدر من المرونة تجاه «طهران»، خاصة فيما يتعلق بالمناوشات البحرية بين البلدين والتى شهدها مضيق «هرمز» فى الفترة الأخيرة، أو فيما يتعلق باختبارات الصورايخ الباليستية الإيرانية.

وتوقع المركز رد فعل أمريكى قوى قد لا يصل إلى حد إلغاء الاتفاق النووى، فى المقابل فإن إيران لن تتخذ خطوة إلغاء الاتفاق النووى من جانبها، وبالتالى قد تختبر صبر الولايات المتحدة.

حالة التربص بين إيران وأمريكا تصب فى صالح روسيا، حيث توقع المركز أن تسعى «موسكو» إلى توطيد علاقتها مع إيران اقتصادياً وعسكرياً، الأمر الذى يمنحها نفوذاً فى منطقة الشرق الأوسط، كما ستوفر «موسكو» بديلاً لواشطن فى حالة تعرض الاتفاق النووى للإلغاء أو التعديل.

وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التى وجهها «ترامب» للاتفاق النووى إلا أن مركز «ستراتفور» استبعد إلغاء الإدارة الأمريكية الجديدة للاتفاق، وألقى الضوء على بعض التوقعات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية التى ستشهدها «إيران» فى مايو المقبل وتشهد صراعا بين الرئيس حسن روحانى صاحب الفكر المعتدل، والتيارات المحافظة التى تخضع لسيطرة المرشد الأعلى.

وإذا كانت السعودية سوف تسعد بتدهور العلاقات الأمريكية - الإيرانية، فإن «الرياض» فى المقابل سيكون بانتظارها عام عصيب فى ظل الضغط المتفاقم عليها داخلياً بعد خطة التقشف وخصخصة القطاع العام التى نفذتها فى 2016، وستصبح المملكة قادرة على خفض العجز فى ميزانيتها، لكن الطريق إلى الإصلاح الاقتصادى بحسب رؤى 2020 و2030 سيكون صعبا وسيواجه الكثير من العقبات، بل سوف تسعى الحكومة السعودية للضغط على القطاعين الخاص والعام لتنفيذ رؤى 2020، ما سيخلق جواً من التوترات والصعاب.

فى ذلك الوقت، سوف تستعد «الرياض» لعملية طرح «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام فى عام 2018، وستوسع من منظورها فيما يخص الاستثمارات العامة لاتباع سياسات استثمارية أكثر جرأة فى الخارج، حيث ستعمل المملكة على تحويل ثروتها المتراكمة إلى صندوق استثمارى سيادى، تتجه استثماراته إلى المجالات التقنية والتكنولوجية والتى أثبتت نجاحها فى تحقيق أرباح على المدى الطويل مع دول مثل الإمارات والكويت.

وأكد المركز فى تقريره أن السعودية سوف تشهد تصاعد رغبات الإصلاح والتغيير فى الوقت الذى ستركز فيه الدول على الإصلاحات الاقتصادية وليست الاجتماعية، ما سيؤدى إلى عزل المؤسسة الدينية التى تدعم النظام الحاكم الذى سيواجه تحديات أخرى متعلقة بتزايد احتمالات التعرض لعمليات إرهابية.


3- تراجع «داعش» وصعود «القاعدة»

وفيما يتعلق بالتنظيمات الإرهاربية، توقع المركز فى تقريره انحسار نفوذ تنظيم «داعش» على المستوى العسكرى، ولكن هذا لا يعنى التقليل من خطر عملياته الإرهابية، حيث توقع المركز عودة الهجمات الإرهابية لـ«داعش» فى العراق، على الرغم من تراجع قوة التنظيم العسكرية هناك مقارنة بسوريا، لكن جهود التحالف الدولى فى سوريا أكثر تعقيدا من الوضع فى العراق.

وأوضح التقرير أن «أوروبا» قد تنجح فى التصدى لأى محاولة إرهابية من قبل المتطرفين العائدين لأوطانهم من العراق أو سوريا، ولكن الأمر يحتاج يقظة أمنية وجهودا استخباراتية تمكن أوروبا من محاصرة هؤلاء الارهابيين، بينما يأتى التهديد الحقيقى لأوربا من قبل هؤلاء الذين يعملون بشكل منفرد ولا يحتاجون لإمكانيات ضخمة من أجل تنفيذ العمليات الإرهابية، فهؤلاء سوف يشكلون التهديد الإرهابى الأكبر لأوروبا فى 2017.

وأكد التقرير أن تراجع تنظيم «داعش» يصاحبه على الناحية الأخرى صعودا لنفوذ «تنظيم القاعدة» الذى أعاد التنظيم نفسه من جديد فى هدوء، مشيراً إلى أن هذا التنظيم يستعد للعمل فى ساحات مختلفة بعد أن أعادت أفرع «التنظيم» تسمية أنفسها، واختبأت وراء ستارات مختلفة فى الكثير من دول شمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط.

ويرى مركز «ستراتفور» أن تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية هو الأكثر خطورة، ومن المعروف أن الاتفاق التكتيكى بين التنظيم والمملكة السعودية فى اليمن قد انفرط عقده ما يجعل المملكة هدفاً محتملا لهجمات التنظيم الإرهابية.


4- الولايات المتحدة لم تعد القوى العظمى

وبحسب مركز «ستراتفور»، فإن أمريكا لم تعد تشعر أنها قوى عظمى قادرة على التأثير، مشيراً إلى أنها تشعر بالإرهاق من محاولات توسيع نفوذها فى العالم الإسلامى، كما أنها ترغب فى التركيز على الشئون الداخلية وإعادة ترتيب المنزل من الداخل.

ما يؤكد ذلك ما قاله الرئيس الأمريكى الجديد، بأنه سيعمل على تقليل حجم التزامات أمريكا فى العالم ودفع الدول الأخرى للعب دور فى المشهد الدولى، ولكن من الصعب تطبيق وعد «ترامب» بخفض حجم التدخل الأمريكى فى مسرح الأحداث العالمية على أرض الواقع خاصة فيما يتعلق بالشئون الاقتصادية، وذلك لأن إعادة رسم العلاقات الاقتصادية قد يكون أمر سهلاً أو ممكنا قبل عشرين عاما، لكن اليوم مع التطور التكنولوجى واتساع نطاق التعاون الاقتصادى، وتشابك الأسواق العالمية سيجعل من الصعب على أمريكا تقليص دورها.


5- أوروبا تعانى من الانقسامات

وبحسب التقرير، فإن الاتحاد الأوروبى يعانى بالفعل من مشكلة تصاعد موجات الهجرة إلى جانب المشاكل الاقتصادية التى تضرب أركان العديد من الدول، ومع عام 2017 سوف تتصاعد المشاكل التى تواجه القارة العجوز.

الانتخابات التى سوف تشهدها كل من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، سوف تؤثر فى بعضها البعض من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تهدد نتائجها كيان الاتحاد الأوروبى فى ظل تصاعد الأصوات المنادية بالانفصال والمصحوبة باتساع مد اليمين المتطرف.

ويتوقع المركز فى تقريره تفكك الاتحاد الأوروبى، ولكن لن يحدث هذا الأمر على الفور، والسؤال الذى يطرح نفسه هل ستكون انتخابات عام 2017 هى بداية للنهاية؟ الخريطة السياسية ما بعد هذه الانتخابات هى التى ستحدد إجابة هذا السؤال الصعب، فاتساع نفوذ اليمين المتطرف يعنى باختصار قرب نهاية الاتحاد الأوروبى.

على صعيد آخر، توقع المركز أن دول أوروبا الشرقية سوف تشهد نوعا من التقارب لمواجهة محاولات التوسع الروسية، وأيضاً التصدى لحالة عدم اليقين التى تسيطر على السياسة الأمريكية تجاه أوروبا فى ظل إدارة «ترامب،» متوقعاً كذلك أن تتولى «بولندا» قيادة هذا التحالف غير الرسمى لدول أوروبا الشرقية.


6- روسيا لديها مساحة تحرك

تلعب انقسامات القارة الأوروبية لصالح روسيا، كما أنها تعطى «موسكو» فرصة لكى تؤكد نفوذها خاصة فى الدول الواقعة على حدودها.

إدارة «ترامب» قد تخفض من حجم العقوبات على روسيا، كما سيسعى الرئيس الأمريكى الجديد إلى التعاون مع روسيا فى سوريا، فى محاولة لخفض حدة التوتر بين أمريكا وروسيا، ولكن التعاون الأمريكى الروسى لن يكون واسع النطاق خاصة فى ظل الرغبة الروسية لزيادة دورها فى منطقة الشرق الأوسط، وأيضاً رغبتها فى توسيع حجم نشاطها فى مجال التجارة الإلكترونية، وهو الأمر الذى لن يثير إعجاب واشنطن والتى ستسعى بدورها من أجل احتواء روسيا.

وبحسب التقرير، فإن «موسكو» ستظل تلعب دورها فى منطقة الشرق الأوسط، وفى الوقت الذى يعد حلم الوصول إلى تسوية فى سوريا بعيد المنال، سوف تحرص روسيا على توطيد علاقتها بطهران فى ظل تدهور العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وتوقع المركز محاولة روسية للاستفادة من الانقسامات الأوروبية ما قد يشكل ضغطا على العلاقات الألمانية الروسية.


7- الصين اللاعب الأكبر فى آسيا

بحسب التقرير لن تنشغل الصين بتوسيع نفوذها فى منطقة المحيط الهادئ وفى آسيا، ولكنها ستسعى أيضا لتقوية علاقتها مع «موسكو» خاصة فى مجال مشاريع الطاقة، والتعاون العسكرى وتكنولوجيا الإنترنت.

وسوف تستمر «الصين» باعتبارها اللاعب الأكثر أهمية فى آسيا، على الرغم من تراجعها الاقتصادى بعد ثلاثة عقود متتالية من الازدهار، وفى ظل تهديدات «ترامب» بفرض تعريفات جمركية على الصين، والتقارب الأمريكى مع تايوان، سوف تسعى بكين إلى تهدئة الأوضاع وتبنى سياسة معتدلة.