الرقصات الشعبية في السعودية.. تعرف عليها

الفجر الفني

جانب من حفل
جانب من حفل



على الضفة الأخرى من الفن، تنشط سوق رائجة للرقصات الشعبية في المملكة، لها نجومها ومتعهدوها وسماسرة ينالهم نصيبهم من المال والرقص، وإذا كنت من عشاق "رايح بيشة" أو "السامري" أو مهوساً بالعرضات الجنوبية فقد لا تصدق بأن الاستراحات المترامية على جانبي طريق (الدائري) في العاصمة الرياض تتحول إلى مسرح كبير لكل هذه الفنون إذا دعت الحاجة.. وقد لا تصدق أيضاً أن العاصمة فيها ما يزيد عن (30) فرقة شعبية بعضها ذاع صيته حتى تجاوز حدود الوطن.. أبطال هذا الفن قرعوا طبول شكواهم من غياب مظلة حكومية يتفيأون ظلالها.

متعهد حفلات

أنور مهدي شاب يعمل متعهد حفلات لفرق الفنون الشعبية في منطقة الرياض، عمله أوصله ليكون عضواً بجمعية الثقافة والفنون يقول أنور لـ"العربية نت": "لدي عدد من الفرق الشعبية التي تؤدي ألواناً مختلفة من الرقصات الشعبية في المملكة، حث نؤدي ألوانا مثل السامري والخبيتي والرايح إضافة إلى العرضة السعودية ورقصات منطقة جازان"، مضيفاً: "ستتفاجأ إذا أخبرتكم بأن الطلب لدينا عال حتى من خارج المملكة ولله الحمد".

مهدي الذي يسري الفن في دمه كونه ابن الفنان المهتم بالفلكلور محسن مهدي صاحب الأغنية الشهيرة "عينو رمنّي" التي غنتها الفنانة وعد يؤكد بأن جدوله الصيفي مزدحم بالحفلات أسوة بكبار مشاهير الأغنية، إلا أنه لم يخف امتعاضاً في سياق حديثه من كبار السن على توجههم في تحديث هذه الألوان، وأضاف: "مواكبة للتطور الفني الحاصل أدخلنا بعض الأدوات الموسيقية مثل "الأورج" على سبيل المثال على هذه الفنون لجعلها أكثر طرباً وحداثة".

وعن أسعار الحفلات قال مهدي: "في السياق العام لو طلبت مني إحياء حفلة عادية بفرقتي الليلة سنحضر بمبلغ (8) آلاف ريال"، مستدركاً: "ولكن بعض الحفلات التي تتطلب أكثر جهداً وتنظيماً وعدداً من الراقصين تتراوح أجورنا من (50) إلى (200) ألف ريال، وفقاً للمناسبة".

تصاريح وأسماء

واستأذن مهدي بعض الوقت لإتمام مكالمة مع شخص يطلب منه إحياء حفلة نهاية الأسبوع، ليعود للحديث: "لدينا شبان مؤهلون للرقص وأداء الألوان باقتدار، وهذا المتصل طلب مني الحضور لمناسبة زواج مشترطاً أن تكون المجموعة في عنفوانها الفني".

مشدداً على أن بعض المتصلين يطالبونه بإحضار أسماء معينة لتميزها الأمر الذي يدفعه لرفع السعر قليلاً تقديراً منه لحضورهم، وأشهرهم "عثمان حقوي" ، وضارب الإيقاع "عبده مزوّل"، ولهم أجرهم الخاص على حد قوله.

وحول إذا ما كانت هذه الحفلات تتطلب إصدار تصاريح خاصة، قال مهدي: "هذا الأمر تحديداً ينقسم إلى قسمين"، وتابع: "إذا كانت الحفلة في أحد قصور الأفراح فمسؤولية منظم الحفلة إصدار تصريح، أما إذا كانت في استراحة بسيطة فالأمر لا يتطلب ذلك لأن المسألة في النهاية أداء لون شعبي فرايحي".

السامري له طريقته

وفي نفس السياق تحدث خالد شينان (مؤسس فرقة سامري) وذكر لـ"العربية نت" بأن هناك ألواناً عديدة لـ"السامري" من أشهرها لون "العتب" وله إيقاع خفيف وثقيل، والعدد الرسمي الموثق في "الجنادرية" للأفراد الراقصين لهذا اللون (25) شخصاً منهم (9) إيقاعيين إضافة إلى "ملقّن" الكلمات التي ترددها المجموعة، وقال: "لون "العتب" لون مبهج وفرايحي، وهو الأكثر طلباً"، وأضاف بن شينان: "علاقتي بهذه الألوان ممتدة ولي في المجال أكثر من (40) عاماً، وهناك بعض الفرق أدخلت على "العتب" أدوات موسيقية ويظل "الأورج" أكثر ما يفضله الشباب وصغار السن".

موضحاً بأن أجور الفرق الشعبية تخضع لعدة اعتبارات مثل نوع المناسبة والجهة التي تطلب منهم الظهور بشكل رسمي، مبيناً بأن المعدل يتراوح من (50 – 60) ألف ريال، كاشفاً أن أعلى أجر حصل عليه كان (200) ألف ريال.

واشتكى شينان من إهمال الجهات الثقافية في المملكة لهذه الفنون في الوقت الذي يحصلون فيه على دعوات من الدول المجاورة مثل قطر ويحصلون على مبالغ مضاعفة، وقال: "توجهت إلى أمانة الرياض وطلبت منهم إعطائي مكاناً مخصصاً في منتزه "البجيري" التاريخي بالدرعية لإحياء "السامري" و"العرضة" دون أن أكلفهم ريالاً واحداً، فلم يعيروا طلبي أي اهتمام".

مؤكداً أن أجندته مزدحمة لإقامة حفلات في الفنادق وقصور الأفراح والاستراحات في الرياض، مبيناً أن هناك بعض الجهات تطلب أحياناً تصاريح لإقامة هذه الحفلات.

وكشف في سياق حديثه عن معاناتهم لعدم وجود عقود رسمية تحفظ حقوقهم لدرجة أن بعض الجهات تشترط عليهم التوقيع على عقود بيضاء أو استبدالهم بفرقة أخرى، وقال: "هناك جهة لم تعطني حقي، وامتدت المطالبات بيني وبينهم لفترة قاربت (5) أعوام، وفي النهاية حصلت على ما أريد".

تدريب الفرق

وبين شينان الذي يتمنى أن تكون هناك أدوار فعالة لجمعيات الثقافة والفنون في حفظ الألوان الشعبية أن أكثر شيء يبهجه هو طلب الأجانب في المناسبات المختلفة تدريبهم على "السامري"، وقال: "قد لا تصدقني عندما أخبرك بأنني دربت أميركيين على لون "السامري" و"انبسطوا".. وهذا جزء من أدوارنا في ترسيخ هذه الفنون وإيصالها للآخر".

وقال إنه درب فرقة اشتركت في الرقص بفيديو كليب للفنان محمد الزيلعي في أغنية "ما يطيق الصبرا" والتي لقيت أصداء واسعة على حد وصفه.

ثراء الموروث

تشتهر مناطق المملكة بثراء الموروث وتنوع الرقصات الشعبية التي مازالت محافظة على أصالتها ولم تندثر بل إنها في بعض المناطق لازالت تعتبر رمزاً للرجولة والسؤدد، ومن أشهر الرقصات الشعبية رقصة "العرضة النجدية" التي تعتبر رقصة حرب ويقام لها احتفال سنوي، وتم اعتمادها ضمن لائحة التراث العالمي المسجل في "اليونسكو".. ومن أشهر قصائدها:

مِنِّي عليكم ياهل العوجا سلام

واختص ابو تركي عَمَا عين الحريب

يا شيخ باح الصبر من طول المقام

يا حامِي الوَنْدَات يا رِيْف الغَرِيْب

للشاعر محمد بن عبدالله العوني، ويأتي لون "السامري" كأحد أهم الألوان في المملكة ويمتد هذا اللون بين عدد من المناطق التي يؤديه أهلها بطريقتهم ومن أشهرها "سامري عنيزة" والدواسر وحائل والجوف، ومن أشهر قصائده :

يا جر قلبي جر لدن الغصوني

وغصون سدر جرها السيل جرا

وأهله من أول بالورق يورقوني

على غدير تحته الما يقرا

للشاعر دخيل الله بن مرضي العتيبي، وبعض أنواع السامري موجودة في دول الخليج مثل الكويت، إضافة إلى أن المنطقة الجنوبية في المملكة معروفة بألوانها التي تعتمد على التناغم السريع بين الجسد والإيقاع وتقدم جازان عدداً من الفنون أشهرها: "المعشى" و"الربش" و"السيف"، وفي عسير "اللعب الشهري" و"العرضة" و"الخطوة" ونجران تتفرد بلون "الزامل"، وفي محافظة بيشة ذاع صيت "الرايح"، والمنطقة الغربية تشتهر بلون المزمار والخبيتي الذي تدخل عليه إيقاعات مثل السمسمية.